(وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) (١) ، ثم قال بعده : (وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً) (٢) الآية. وبدأ هناك بالزمان ، لأن المقصود إثبات الوحدانية بدليل قوله : (لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ) (٣) الآية ، ثم الحشر بقوله : (إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى) (٤) ، وهذا المقصود الحشر أولا لأن ذكره فيها أكثر ، وذكر التوحيد في فصلت أكثر بدليل قوله : (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ) (٥). انتهى ، وهو من كلام أبي عبد الله الرازي ، وفيه تلخيص.
و (نَسْلَخُ) : معناه نكشط ونقشر ، وهو استعارة لإزالة الضوء وكشفه عن مكان الليل. و (مُظْلِمُونَ) : داخلون في الظلام ، كما تقول : أعتمنا وأسحرنا : دخلنا في العتمة وفي السحر. واستدل قوم بهذا على أن الليل أصل والنهار فرع طارئ عليه ، ومستقر الشمس بين يدي العرش تسجد فيه كل ليلة بعد غروبها. كما جاء في حديث أبي ذر : «ويقال لها اطلعي من حيث طلعت ، فإذا كان طلوعها من مغربها يقال لها اطلعي من حيث غربت ، فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها ، لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا». وقال ابن عباس : إذا غربت وانتهت إلى الموضع الذي لا تتجاوزه ، استوت تحت العرش إلى أن تطلع. وقال الحسن : للشمس في السنة ثلاثمائة وستون مطلعا ، تنزل كل يوم مطلعا ، ثم لا تنزل إلى الحول ، وهي تجري في فلك المنازل ، أو يوم القيامة ، أو غيبوبتها ، لأنها تجري كل وقت إلى حد محدود تغرب فيه ، أو أحد مطالعها في المنقلبين ، لأنهما نهايتا مطالعها ؛ فإذا استقر وصولها كرت راجعة ، وإلا فهي لا تستقر عن حركتها طرفة عين. ونحا إلى هذا ابن قتيبة ، أو وقوفها عند الزوال كال يوم ، ودليل استقرارها وقوف ذلك الظلام حينئذ. وقال الزمخشري : بمستقر لها : لحدّ لها مؤقت مقدر تنتهي إليه من فلكها في آخر السنة. شبه بمستقر المسافر إذا قطع مسيره ، أو كمنتهى لها من المشارق والمغارب ، لأنها تتقصاها مشرقا مشرقا ومغربا مغربا حتى تبلغ أقصاها ثم ترجع ، فلذلك حدها ومستقرها ، لأنها لا تعدوه أو لا يعدلها من مسيرها كل يوم في مرأى عيوننا وهو المغرب. وقيل : مستقرها : محلها الذي أقر الله عليه أمرها في جريها فاستقرت عليه ، وهو آخر السنة. وقيل : الوقت الذي تستقر فيه وينقطع جريها ، وهو يوم القيامة.
__________________
(١) سورة فصلت : ٤١ / ٣٧.
(٢) سورة فصلت : ٤١ / ٣٩.
(٣) سورة فصلت : ٤١ / ٣٧.
(٤) سورة فصلت : ٤١ / ٣٩.
(٥) سورة فصلت : ٤١ / ٩.