الزمخشري : وقيل الركوبة جمع. انتهى ، ويعني اسم جمع ، لأن فعولة بفتح الفاء ليس بجمع تكسير. وقد عد بعض أصحابنا أبنية أسماء الجموع ، فلم يذكر فيها فعولة ، فينبغي أن يعتقد فيها أنها اسم مفرد لا جمع تكسير ولا اسم جمع ، أي مركوبتهم كالحلوبة بمعنى المحلوبة. وقرأ الحسن ، وأبو البرهسم ، والأعمش : ركوبهم ، بضم الراء وبغير تاء ، وهو مصدر حذف مضافه ، أي ذو ركوبهم ، أو فحسن منافعها ركوبهم ، فيحذف ذو ، أو يحذف منافع. قال ابن خالويه : العرب تقول : ناقة ركوب حلوب ، وركوبة حلوبة ، وركباة حلباة ، وركبوب حلبوب ، وركبى حلبى ، وركبوتا حلبوتا ، كل ذلك محكي ، وأنشد :
ركبانة حلبانة زفوف |
|
تخلط بين وبر وصوف |
وأجمل المنافع هنا ، وفصلها في قوله : (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ) (١) الآية. والمشارب : جمع مشرب ، وهو إما مصدر ، أي شرب ، أو موضع الشرب. ثم عنفهم واستجهلهم في اتخاذهم آلهة لطلب الاستنصار. (لا يَسْتَطِيعُونَ) : أي الآلهة ، نصر متخذيهم ، وهذا هو الظاهر. لما اتخذوهم آلهة للاستنصار بهم ، رد تعالى عليهم بأنهم ليس لهم قدرة على نصرهم. وقال ابن عطية : ويحتمل أن يكون الضمير في (يَسْتَطِيعُونَ) عائدا للكفار ، وفي (نَصْرَهُمْ) للأصنام. انتهى. والظاهر أن الضمير في وهم عائد على ما هو الظاهر في (لا يَسْتَطِيعُونَ) ، أي والآلهة للكفار جند محضرون في الآخرة عند الحساب على جهة التوبيخ والنقمة. وسماهم جندا ، إذ هم معدون للنقمة من عابديهم وللتوبيخ ، أو محضرون لعذابهم لأنهم يجعلون وقودا للنار. قيل : ويجوز أن يكون الضمير في وهم عائدا على الكفار ، وفي لهم عائدا على الأصنام ، أي وهم الأصنام جند محضرون متعصبون لهم متحيرون ، يذبون عنهم ، يعني في الدنيا ، ومع ذلك لا يستطيعون ، أي الكفار التناصر. وهذا القول مركب على أن الضمير في لا يستطيعون للكفار. ثم آنس تعالى نبيه بقوله : (فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ) : أي لا يهمك تكذيبهم وأذاهم وجفاؤهم ، وتوعد الكفار بقوله : (إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) ، فنجازيهم على ذلك.
(أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ) : قبح تعالى إنكار الكفرة البعث ، حيث قرر أن عنصره الذي خلق منه هو نطفة ماء مهين خارج من مخرج النجاسة. أفضى به مهانة أصله إلى أن يخاصم الباري تعالى ويقول : من يحيي الميت بعد ما رمّ؟ مع علمه أنه منشأ من موات. وقائل ذلك
__________________
(١) سورة النحل : ١٦ / ٨٠.