والأعراب توري النار من الشجر الأخضر ، وأكثرها من المرخ والعفار. وفي أمثالهم : في كل شيء نار ، واستمجد المرخ والعفار. يقطع الرجل منهما غصنين مثل السواكين ، وهما أخضران يقطر منهما الماء ، فيستحق المرخ وهو ذكر ، والعفار وهي أنثى ، ينقدح النار بإذن الله عزوجل. وعن ابن عباس : ليس شجر إلا وفيه نار إلا العنا. وقرأ الجمهور : الأخضر ؛ وقرىء : الخضراء ؛ وأهل الحجاز يؤنثون الجنس المميز واحده بالتاء ؛ وأهل نجد يذكرون ألفاظا ، واستثنيت في كتب النحو.
ثم ذكر ما هو أبدع وأغرب من خلق الإنسان من نطفة ، ومن إعادة الموتى ، وهو إنشاء هذه المخلوقات العظيمة الغريبة من صرف العدم إلى الوجود ، فقال : (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ)؟ قرأ الجمهور : بقادر ، بباء الجر داخلة على اسم الفاعل. وقرأ الجحدري ، وابن أبي إسحاق ، والأعرج ، وسلام ، ويعقوب : يقدر ، فعلا مضارعا ، أي من قدر على خلق السموات والأرض من عظم شأنهما ، كان على خلق الأناس قادرا ، والضمير في مثلهم عائد على الناس ، قاله الرماني. وقال جماعة من المفسرين : عائد على السموات والأرض ، وعاد الضمير عليهما كضمير من يعقل ، من حيث كانت متضمنة من يعقل من الملائكة والثقلين. وقال الزمخشري : (مِثْلَهُمْ) يحتمل معنيين : أن يخلق مثلهم في الصغر والقماءة بالإضافة إلى السموات والأرض ، أو أن يعيدهم ، لأن المصادر مثل للمبتدأ وليس به. انتهى. ويقول : إن المعاد هو عين المبتدأ ، ولو كان مثله لم يسم ذلك إعادة ، بل يكون إنشاء مستأنفا. وقرأ الجمهور : (الْخَلَّاقُ) بنسبة المبالغة لكثرة مخلوقاته. وقرأ الحسن ، والجحدري ، ومالك بن دينار ، وزيد بن علي : الخالق ، اسم فاعل.
(إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) : تقدّم شرح مثل هذه الجملة ، والخلاف في فيكون من حيث القراءة نصبا ورفعا. (فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) : تنزيه عام له تعالى من جميع النقائص. وقرأ الجمهور : ملكوت ؛ وطلحة ، والأعمش : ملكة على وزن شجرة ، ومعناه : ضبط كل شيء والقدرة عليه. وقرىء : مملكة ، على وزن مفعلة ؛ وقرىء : ملك ، والمعنى أنه متصرف فيه على ما أراد وقضى. والجمهور : (تُرْجَعُونَ) ، مبنيا للمفعول ، وزيد بن علي : مبنيا للفاعل.