أمير المؤمنين عهد إليّ في مرضه إن رابني من أهل الحجاز ريب أن أوجّهك إليهم ، وقد رابني فقال : إنّي كما ظن أمير المؤمنين ، اعقد لي ، وعبء الجيوش ، قال : فورد المدينة ، فأباحها ثلاثة ، ثم دعاهم إلى بيعة يزيد على أنهم أعبد قن في طاعة الله ومعصيته ، فأجابوه إلى ذلك إلّا رجل واحد من قريش ، أمّه أم ولد ، فقال له : بايع ليزيد على أنك عبد في طاعة الله ومعصيته ، قال : لا ، بل في طاعة الله ، فأبى أن يقبل ذلك منه ، وقتله ، فأقسمت أمّه قسما لئن أمكنها الله من مسلم حيا أو ميتا أن تحرقه بالنار ، قال : فلما خرج مسلم (١) من المدينة اشتدّت علته ، فمات ، فخرجت أم القرشي بأعبد لها إلى قبر مسلم ، فأمرت به أن ينبش من عند رأسه ، فلما وصلوا إليه إذا بثعبان قد التوى على عنقه قابضا بأرنبة أنفه يمصها ، قال : فكاع (٢) القوم عنه وقالوا : يا مولاتنا انصرفي ، قد كفاك الله شرّه ، وأخبروها الخبر ، قالت : لا أوافي الله بما وعدته ، ثم قالت : انبشوا من عند الرجلين ، فنبشوا ، فإذا الثعبان لاوي (٣) ذنبه برجليه قال : فتنحت فصلّت ركعتين ثم قالت : اللهمّ إن كنت تعلم أنّي إنّما غضبت على مسلم بن عقبة اليوم لك ، فخلّ (٤) بيني وبينه ، قال : ثم تناولت عودا فمضت (٥) في ذنب الثعبان فحرّكته ، فانسلّ من مؤخر رأسه ، فخرج من القبر ، ثم أمرت به ، فأخرج وأحرق بالنار.
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة قال (٦) : وقال علي بن محمّد : مات مسلم بن عقبة في صفر سنة أربع وستين ، قال : وكان حصار حصين بن نمير خمسين يوما حتى مات يزيد.
٧٤٢٦ ـ مسلم بن عمرو بن حصين بن أسيد بن زيد بن قضاعي الباهلي
والد قتيبة بن مسلم ، أمير خراسان ، كان عظيم القدر عند يزيد بن معاوية ، ووجهه يزيد إلى عبيد الله بن زياد بتوليته إيّاه الكوفة عند توجه الحسين ـ عليهالسلام ـ إليها ، له ذكر في كتاب البلاذري.
__________________
(١) بعده بياض في م بمقدار كلمة.
(٢) في «ز» : فكلم. وكاع عن الشيء يكاع : هابه وجبن عنه (تاج العروس : كوع).
(٣) كذا بالأصل وبقية النسخ : لاوي ، بإثبات الياء.
(٤) بالأصل : «فخلى» والمثبت عن م ، و «ز» ، ود.
(٥) في «ز» : فنصت ، وفوقها ضبة.
(٦) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٢٥٥ (ت. العمري).