وفي سنة (١١٩٨ ه و ١٧٨٣ م) طلب الأمير يوسف الشهابي إلى الجزار أن يسلمه مرج عيون ، وكانت بيد خاله الأمير اسماعيل حاكم حاصبيا إلا أنها لم تكن تابعة إيالة دمشق. مثل وادي التيم ، بل كانت تابعة إيالة صيدا. وكان حاكم حاصبيا يؤدي عنها كل سنة إلى والي صيدا ستة آلاف قرش ، وكانت نفقات حاكم حاصبيا ونفقات أولاد عمه وأكبار بلاده كلها تجمع من أموال مرج عيون. فلما أنعم بها الجزار على الأمير يوسف أرسل وكيلا من قبله لضبط حاصلاتها فبلغت (٠٠٠ ، ٥٠) ألف قرش ، فتضايق الأمير اسماعيل من ذلك ، وحضر إلى دير القمر يتحبب إلى الأمير يوسف ، ووعده بخمسة وعشرين ألف قرش. إذا سمح له بمرج عيون ، فلم يقبل ، وألح عليه بالسؤال حتى أنه قبل قدميه ، فلم يزل مصرا على رده ، ورجع الأمير اسماعيل إلى بلاده خائبا (١) ولما أعاد عبد الله باشا حكم جبل عامل إلى مشايخه بعد أن راسل الشيخ فارس ابن الشيخ ناصيف النصار ومشايخ البلاد بأنه يريد أن يرجع إليهم حكم بلادهم ، وهي جبل عامل ، وأنه يرفع المتسلمين منهم وهم يؤدون الأموال التي كانت ترد عن بلدهم ، ويترك لهم خمسين ألف درهم في كل عام ، ومائة غرارة شعير ، على شرط أن يكون عندهم ألف رجل فرسان ورجالة مقيمين تحت طلبه ، استعفوه من ذلك بعد مراجعتهم مرارا ليستشيروا الأمير بشيرا فأشار بقوله أن الوزير قد خاصم دولة والي دمشق خصاما طويلا واحتياجه إليهم يطول ، فأرسل الشيخ فارس معتمده حسن شيت إلى عكاء ، وطلب من عبد الله باشا أن يفعل بما قاله ، ويعاهدهم أن لا يغدر بهم بعد ذلك ، فكتب لهم صكا ، وأرسل إليهم الخلع كما كانت العادة من القديم ، وأخذوا يتحكمون في اتخاذ الأعوان والخيل والسلاح ووافق ذلك خاطر الوزير فأضاف إليهم ولاية مرج عيون ، وفرض
__________________
(١) تاريخ الأمير حيدر ، ص ٨٤٣ ـ ٨٤٤.