وروى البيهقي في الدلائل خبر أيوب بن بشير المتقدم ، ثم قال : هذا مرسل وقد روي عن ابن عباس في تأويل قوله تعالى : (وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها) [الأحزاب : ١٤] قال : لأعطوها ، يعني إدخال بني حارثة أهل الشام على أهل المدينة. ورواه بالسند إلى ابن عباس وقال : إنه مؤكد لمرسل ابن بشير ، وسيأتي في حرة واقم ما رواه ابن زبالة من أن السماء مطرت على عهد عمر رضياللهعنه ، فخرج مع أصحابه حتى أتوا حرة واقم وشراجها تطرد ، فقال كعب : أما والله يا أمير المؤمنين لتسيلن هذه الشراج بدماء الناس كما تسيل بهذا الماء ، فدنا منه ابن الزبير فقال : يا أبا إسحاق ومتى ذلك؟ فقال : إياك أن تكون على رجلك أو يدك!
وروى ابن زبالة عن كعب أيضا : إنا نجد في كتاب الله : حرة شرقي المدينة يقتل بها مقتله تضيء وجوههم يوم القيامة كما يضيء القمر ليلة البدر.
وقعة الحرة
قلت : وسياق كلام القرطبي يقتضي أنها هي السبب في خروج أهل المدينة المذكور في كلام عياض ؛ فإنه ذكر نحو كلام عياض ، وقال : فلما انتهى حالها ـ يعني المدينة ـ كمالا وحسنا تناقص أمرها إلى أن أقفرت جهاتها ، وتوالت الفتن فيها ؛ فخاف أهلها ، فارتحلوا عنها ، ووجّه يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة المري في جيش عظيم من أهل الشام ، فنزل بالمدينة ، فقاتل أهلها ، فهزمهم وقتلهم بحرة المدينة قتلا ذريعا ، واستباح المدينة ثلاثة أيام ، فسميت وقعة الحرة لذلك ، ويقال لها : حرة زهرة ، وكانت الوقعة بموضع يعرف بواقم على ميل من المسجد النبوي ، فقتل بقايا المهاجرين والأنصار وخيار التابعين ، وهم ألف وسبعمائة ، وقتل من أخلاط الناس عشرة آلاف سوى النساء والصبيان ، وقتل بها من حملة القرآن سبعمائة رجل ، ومن قريش سبعة وتسعون قتلوا ظلما في الحرب صبرا ، قال : وقال الإمام الحافظ ابن حزم في المرتبة الرابعة : وجالت الخيل في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبالت ، وراثت بين القبر والمنبر أدام الله تشريفها وأكرهوا الناس أن يبايعوا ليزيد على أنهم عبيد له إن شاء باع وإن شاء أعتق ، وذكر له يزيد بن عبد الله بن زمعة البيعة على حكم القرآن والسنة ، فأمر بقتله ، فضربت عنقه صبرا ، وذكر الأخباريون أنها خلت من أهلها ، وبقيت ثمارها للعوافي كما قال صلىاللهعليهوسلم وفي حال خلائها غذت الكلاب على سواري المسجد ، انتهى كلام القرطبي.
سبب نقمة يزيد بن معاوية على أهل المدينة
وروى الطبراني في خبر طويل عن عروة بن الزبير قال : لما مات معاوية رضياللهعنه تثاقل عبد الله بن الزبير عن طاعة ابنه يزيد ، وأظهر شتمه ، فبلغ ذلك يزيد ، فأقسم لا