وقد ذكر ابن إسحاق القصة بنحوه كما في تهذيب ابن هشام ، قال : وسألت غير واحد من أهل العلم بالشعر عن هذا الرجز فقالوا : بلغنا أن علي بن أبي طالب ارتجز به ، فلا ندري أهو قائله أم غيره ، وإنما قال ذلك علي رضياللهعنه مطايبة ومباسطة كما هو عادة الجماعة إذا اجتمعوا على عمل ، وليس ذلك طعنا.
وأخرج ابن أبي شيبة من مرسل أبي جعفر الخطمي قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يا بني المسجد وعبد الله بن رواحة يقول :
أفلح من يعالج المساجدا
فيقولها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيقول ابن رواحة :
يتلو القرآن قائما وقاعدا
فيقولها رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وفي الصحيح في ذكر بناء المسجد : وكنا نحمل لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين ، فرآه النبي صلىاللهعليهوسلم فجعل ينفض التراب عنه ويقول : «ويح عمار تقتله الفئة الباغية ، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار» وقال : يقول عمار : أعوذ بالله من الفتن.
وأسند ابن زبالة ويحيى عن مجاهد قال : رآهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهم يحملون الحجارة على عمار ، وهو يا بني المسجد ، فقال : «ما لهم ولعمار؟ يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار ، وذلك فعل الأشقياء الأشرار».
وأسند الثاني أيضا عن أم سلمة قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه يبنون المسجد ، فجعل أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم يحمل كل رجل منهم لبنة لبنة وعمار بن ياسر لبنتين لبنة عنه ولبنة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقام إليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فمسح ظهره وقال : «يا ابن سمية لك أجران وللناس أجر ، وآخر زادك من الدنيا شربة من لبن ، وتقتلك الفئة الباغية».
وفي الروض للسهيلي : أن معمر بن راشد روى ذلك في جامعه بزيادة في آخره ، وهي : فلما قتل يوم صفين دخل عمرو على معاوية رضياللهعنهما فزعا فقال : قتل عمار ، فقال معاوية : فما ذا؟ فقال عمرو : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «تقتله الفئة الباغية» فقال معاوية : دحضت (١) في بولك ، أنحن قتلناه؟ إنما قتله من أخرجه.
وروى البيهقي في الدلائل عن عبد الرحمن السلمي أنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص يقول لأبيه عمرو : قد قتلنا هذا الرجل ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيه ما قال ، قال : أي رجل؟ قال : عمار بن ياسر ، أما تذكر يوم بنى رسول الله صلىاللهعليهوسلم المسجد ؛ فكنا نحمل
__________________
(١) دحضت : زلقت.