وعن مكحول قال : لما كثر أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم قالوا : اجعل لنا مسجدا ، فقال : خشبات وثمامات ، عريش كعريش أخي موسى صلوات الله عليه ، الأمر أعجل من ذلك.
ورواه رزين وزاد فيه : فطفقوا ينقلون اللبن وما يحتاجون إليه ورسول الله صلىاللهعليهوسلم ينقل معهم ، فلقيه رجل ومع رسول الله صلىاللهعليهوسلم لبنة فقال : أعطنيها يا رسول الله ، فقال : اذهب فخذ غيرها ، فلست بأفقر إلى الله مني.
ونقل المجد عن رواية محمد بن سعد نحوه ، قال : وجاء رجل يحسن عجن الطين ، وكان من حضرموت ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : رحم الله امرأ أحسن صنعته ، وقال له : الزم أنت هذا الشغل فإني أراك تحسنه.
وفي كتاب يحيى من طريق ابن زبالة عن الزهري : كان رجل من أهل اليمامة يقال له طلق من بني حنيفة يقول : قدمت على النبي صلىاللهعليهوسلم وهو يا بني مسجده ، والمسلمون يعملون فيه معه ، وكنت صاحب علاج وخلط طين ، فأخذت المسحاة أخلط الطين والنبي صلىاللهعليهوسلم ينظر إلي ويقول : إن هذا الحنفي لصاحب طين.
وروى أحمد عن طلق بن علي قال : بنيت المسجد مع النبي صلىاللهعليهوسلم فكان يقول : قربوا اليمامي من الطين فإنه أحسنكم له مسكا وأشدكم منكبا.
وعنه أيضا قال : جئت إلى النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه يبنون المسجد ، قال : فكأنه لم يعجبه عملهم ، قال : فأخذت المسحاة فخلطت بها الطين ، فكأنه أعجبه أخذي المسحاة وعملي فقال : دعوا الحنفي والطين فإنه من أصنعكم للطين.
وأسند ابن زبالة ويحيى من طريقه في أثناء كلام عن ابن شهاب في قصة أخذ المربد ، قال : فبناه مسجدا ، وضرب لبنه من بقيع الخبخبة ناحية بئر أبي أيوب بالمناصع والخبخبة : شجرة كانت تنبت هناك.
وأسند يحيى من طريق عبد العزيز بن عمر عن يزيد بن السائب عن خارجة بن زيد بن ثابت قال : بنى رسول الله صلىاللهعليهوسلم مسجده سبعين في ستين ذراعا أو يزيد ، ولبّن لبنه من بقيع الخبخبة ، وجعله جدارا ، وجعل سواريه خشبا شقة شقة ، وجعل وسطه رحبة ، وبنى بيتين لزوجتيه.
قال عبد العزيز : فسألت زيدا : أين بقيع الخبخبة؟ قال : بين بئر أبي أيوب وتلك الناحية ، وهذا بقيع الغرقد لبقيع المقبرة ، وقال : سألت عبد العزيز عن بقيع الخبخبة فقال : هي ـ أي الخبخبة ـ يسار بقيع الغرقد حين تقطع الطريق وتلقاها عند مسجد يحيى ، فقلت : ومن يحيى صاحب المسجد الذي ذكرت؟ فقال : يحيى بن طلحة بن عبيد الله.
قلت : بقيع الخبخبة لا يعرف اليوم كما ذكره شيخ مشايخنا الزين المراغي ، لكن