عنه عن الأعمش قال : بنى عباس بن عبد المطلب داره التي إلى جنب المسجد ، فجعل يرتجز يقول:
بنيتها باللبن والحجاره |
|
والخشبات فوقها مطاره |
يا ربنا بارك لأهل الداره |
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : اللهم بارك في هذه الداره ، قال : وجعل العباس ميزابها لاصقا بباب المسجد يصب عليه ، فطرحه عمر بن الخطاب ، فقال عباس : أما والله ما شده إلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وإنه لعلى منكبي ، فقال له عمر : لا جرم والله لا تشده إلا وأنت على منكبي ، فشده عمر ، وابتاع عثمان بن عفان تلك الدار فزادها في المسجد إلا ثلاثة عشر ذراعا أو أربعة عشر ذراعا ، فقال : لا أدري كان ابتاع البقية أم لا؟
قلت : فالذي يظهر أن العباس أبقى لنفسه بقية الدار بعد أخذ ما احتيج إلى زيادته منها ، وأنه كان في تلك البقية ميزاب ، فلما أحدث عمر الباب الذي عند دار مروان كما سيأتي صار الميزاب يصب على الباب في طريق المسجد ، ثم اشترى عثمان من تلك البقية ما احتاج إلى إدخاله في زيادته.
وروى ابن أبي الدنيا قصة دار العباس هذه مطولة ، وقال : إن العباس قال لعمر : أما والله ما شده إلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأنا معه ، حملني والله على عاتقه حين شده ، قال : وبعض الناس يقول : بل العباس حمل رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
قال محمد بن عقبة ـ يعني رواية ـ : ما كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليضع قدميه على رقبة أبيه أو عمه ، ولكنه حمل العباس على عاتقه ، وقول يحيى في رواية ابن عمر المتقدمة «وكانت ـ يعني دار العباس ـ فيما بين الأسطوان المربعة التي تلي دار مروان بن الحكم» أي والباب الذي يلي دار مروان لدخول بعضها في دار مروان. قال الزين المراغي : وسيأتي بيان المربعة ، أي في زيادة عثمان رضياللهعنه ، وقد ذكر هناك تبعا للمطري أنها الأسطوانة التي في وصف الأساطين التي تلي القبلة ، وقد رفع أسفلها مربعا قدر الجلسة.
قلت : والتي تليها مربعة أيضا ، وهي التي تلي دار مروان ؛ فهي المراد هنا كما قدمنا الإشارة إليه في تحديد المسجد النبوي ، وهي الخامسة من المنبر في جهة المغرب ، فيكون ابتداء زيادة عمر رضياللهعنه من جهة المغرب من الأسطوانة المذكورة ، خلاف قول المطري والمراغي إن المربعة التي ذكراها قبل هذه منتهى زيادة عمر رضياللهعنه ، وكيف يكون منتهى زيادته مع كونها مبتدأ دار العباس التي هي أول الزيادة؟ وأيضا فذرع ما بين الأسطوان التي ذكراها والحجرة الشريفة نحو تسعين ذراعا ، وقد قال يحيى في رواية ابن عمر أيضا «إن المسجد كان طوله أي من القبلة إلى الشام على عهد عمر رضياللهعنه أربعين