والمراسلات بحكم ما ساد ذلك العصر من فتن واضطرابات (١).
ويبدو أن ابن عميرة لم يكن يهتم بجمع رسائله وتدوينها ، رغم كثرة المعجبين بها والراغبين فيها من أبناء عصره ، ولعل ذلك كان بسبب نظرته المتواضعة إلى هذه الرسائل التي لم تكن تستحق التدوين والطلب كما عبّر عن ذلك في بعضها ، وإنما جمعها غيره من تلاميذه ومن أتى بعدهم. ومن هؤلاء صديقه الأديب البلنسي أبو جعفر العقيلي (ت ٦٦٤ ه) الذي لازم ابن عميرة في إفريقية وجمع مجموعة من تلك الرسائل التي آلت إلى ابن عبد الملك المراكشي ، وهي التي نجدها متفرقة في كتابه الذيل والتكملة في تراجم مختلفة.
كما وردت مجموعة من هذه الرسائل في الجزء الثالث من مجموع زواهر الفكر وجواهر الفقر لابن المرابط الذي خصّصه لمعاصريه من كتاب وشعراء الاندلس في القرن السابع الهجري. كما نجد طائفة أخرى من رسائل ابن عميرة في عنوان الدراية للغبريني ، وفي رحلة التجاني ، وبيان ابن عذاري ، والروض المعطار للحميري ، وصبح الأعشى للقلقشندي وغير ذلك من المصادر. أما المحاولة الجادة لجمع هذه الرسائل فتلك التي قام بها أبو عبد الله محمد بن هانئ السبتي (ت ٧٣٣ ه) الذي دوّنها ورتبها في كتاب من سفرين وسمّاه : " بغية المستطرف وغنية المتطرف من كلام إمام الكتابة ابن عميرة أبي المطرّف" (٢). وتوجد منه نسختان مخطوطتان في الخزانة العامة بالرباط تحت رقم ٢٣٢ ك ورقم ٢٣٣ ك ، ولدينا نسخة مصورة عن النسخة الأصلية الموجودة بزاوية تندوف.
__________________
(١) ابن شريفة محمد ، المرجع السابق ، ص ٢٥٤.
(٢) ابن الخطيب ، الإحاطة في أخبار غرناطة ، ج ١ ، ص ٦٥.