فكم ثغر (١) كلح (٢) بعد الابتسام ، ورضيع فطم بالحسام ، وغرّ (٣) ما جرى عليه القلم (٤) ، سال بجاري دمه اللّقم (٥) ، وأعزل وجاه رامح ، وجزع فاجأه بالقرح قارح ، ومصونة عفر جبينها ، وحامل تبعها في إفاتة الحياة جنينها ، ومطرت سحب الدماء سحابة ذلك اليوم ، وسميت السابحات بالسّبح الذي هو بمعنى العوم ، وقطعوا الوالي عن قلعة البلد (٦) ، وفاجأوه وهو في عصبة قليلة العدد ، فدخل أحد الدّيار ، وأحاط به شرذمة الكفار ، ودخلوا إليه واكتنفوه ، أنكروه ثم عرفوه (٧) ، / ٤٦ / وسأل حضور القومط نونة فحضره في مجلسه ، وسار معه إلى محبسه (٨).
__________________
(١) الثّغر : الفم ، وقيل : هو اسم الأسنان كلها ما دامت في منابتها قبل أن تسقط ، وقيل : هي الأسنان كلها كنّ في منابتها أو لم يكنّ ، وقيل : هو مقدّم الأسنان. وثغره : كسر أسنانه. وثغر الغلام ثغرا : سقطت أسنانه الرواضع فهو مثغور. لسان العرب ، ج ٤ ، ص ١٠٣.
(٢) الكلوح : تكشّر في عبوس. وقيل : بدوّ الأسنان عند العبوس. كلح يكلح كلحا وكلاحا وتكلّح. والكالح الذي قد قلصت شفته عن أسنانه نحو ما ترى من رؤوس الغنم إذا برزت الأسنان وتشمّرت الشفاه. لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٥٧٤.
(٣) الغرّ ، بالكسر : الشاب الذي لا تجربة له ، والجمع أغرّاء وأغرّة ، والأنثى غرّ وغرّة وغريرة ، ورجل غرّ وغرير أي غير مجرّب. والغرّة الجارية الحديثة السن التي لم تجرب الأمور ولم تكن تعلم ما يعلم النساء من الحب. قال الشاعر :
إن الفتاة صغيرة |
|
غرّ فلا يسرى بها |
في حديث ابن عمر : إنك ما أخذتها بيضاء غريرة ، أي هي الشابة الحديثة. لسان العرب ، ج ٥ ، ص ١٦.
(٤) جناس ناقص بين" القلم واللقم ، وقد تمّ بتغيير مواقع الحروف بين الكلمتين".
(٥) اللقم : معظم الطريق أو وسطه. الفيروز آبادي ، القاموس المحيط ، ص ١٠٤٥.
(٦) يريد القصر المطل على البحر فوق تلّة عالية ، وهو قصبة المدينة وقلعتها الحصينة داخل الأسوار وكان آخر ما استولى عليه الغزاة في المدينة. عصام سيسالم ، جزر الأندلس المنسية ، ص ٤٣٠.
(٧) طباق الإيجاب بين" أنكروه وعرفوه".
(٨) يستفاد من رواية ابن عميرة أن والي المدينة أبا يحيى التنملي قد فوجئ مع عدد قليل من رجاله خارج القصر حيث ألقي عليه القبض في أحد الديار فسيق إلى محبسه. وهو عكس ما تذهب ـ