هذا والحدمة (١) محرقة ، والحطمة مستغرقة ، (والأعضاد تنصّف ، والأعضاء تقصّف ، والصدور تشهق) (٢) ، والنفوس تزهق ، والهام بشادخ الصّخر تحصب ، والدّوائب بقاني الدّم تخضب. واحتبست القلعة بمن فيها من الخلق ، ورجوا أن يخرجوا عن حكم أهل البلد في القتل والرّق ، وجاءهم ملك أرغون فوعدهم بالإحسان ، وكتب لهم بالأمان ، واشترطوا النفقة عليهم حتى يظعنوا بسلام ، ويلحقوا ببلد الإسلام.
ثم تؤوّل عليهم في الإيمان ، وبيعوا بسوق الهوان ، وجمع الأسارى فامتلأت بهم الأرض ، وكأنما جمعهم العرض ، مولهون حيارى ، سكارى وما هم بسكارى (٣) ، والنّساء في أيديهن الأطفال ، والرّجال في أعناقهم الحبال ، فمن كبير يحرم القوت ولا يرحم (٤) ، وصغير (٥) يستطعم أمّه وأين المطعم ، وفعل الحال للماضي ينسي ، والبطون على الطوى تصبح وتمسي (٦) ، والحياة كلا حياة ، وذوات النعمة عدن ذاويات.
__________________
ـ إليه الرواية المسيحية القائلة بأنه كان محاصرا داخل القصر فأرسل إلى الملك خايمي الأول لمفاوضته في التسليم ، ثم وقع في الأسر بعد اقتحام الغزاة للقصر. ألبار وكامبانير ، تخطيط تاريخي لجزر البليار ، ص ١٨٨.
(١) حدمة النار : صوت التهابها وشدة احتراقها. يوم محتدم : شديد الحرّ. والاحتدام : شدّة الحر. احتدم صدر فلان غيظا وتحدّم : تحرّق. لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ١١٧.
(٢) كتبت هذه العبارة من طرف الناسخ في الهامش وليس في المتن.
(٣) إشارة إلى قوله تعالى في وصف الساعة : (" يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ"). سورة الحج ، الآية الثانية.
(٤) جناس ناقص بين" يحرم ويرحم ، وقد تمّ بتغيير مواقع الحروف بين الكلمتين".
(٥) طباق الإيجاب بين" كبير وصغير".
(٦) طباق الإيجاب بين" تصبح وتمسي".