منذ ذلك الوقت يتطلع إلى الاستيلاء على جزر البليار ، واقتطاع ما يمكن اقتطاعه من الأراضي الإسلامية في شرق الأندلس.
وفي صائفة سنة ٦٢٣ ه / ١٢٢٦ م ظهرت بوادر العدوان الصليبي على جزر البليار الموحدية ، وذلك أن والي ميورقة أبا يحيى التنملي لما احتاج للأخشاب لبناء سفن جديدة تحسبا للأخطار المحتملة ، أرسل طريدة بحرية لجلب تلك الأخشاب من جزيرة يابسة بحراسة قطعة حربية ، فعلم بعض التجار النصارى بالخبر وأرسلوا إلى أمير طرطوشة يعلمونه بذلك ، فقام على الفور بإرسال حملة بحرية تمكنت من أسر الطريدة البحرية بحمولتها من الخشب. ونجا الغراب (القطعة الحربية) من قبضة النصارى وعاد إلى ميورقة فأخبر الوالي بما حدث ، فثارت ثائرته وقام بردّ فعل سريع حيث جهّز حملة بحرية إلى شواطئ مملكة قطلونية وأرغون ، وكانت نتيجة هذه الحملة الخاطفة الاستيلاء على بعض الأجفان الرومية وأسر رجل نصراني مشهور بالثروة واليسار.
وفي أواخر ذي الحجة من السنة المذكورة وصلت الأنباء إلى والي ميورقة أن مسطحا من برشلونة ظهر على جزيرة يابسة ، وأن مركبا من طرطوشة انضم إليه ، فجهّز حملة بحرية واسند قيادتها لأحد بنيه وأمره بالتوجه لردّ العدو. وخرج أسطول ميورقة حتى نزل مرسى يابسة فوجد مركبا لأهل جنوة فأخذه وسار حتى أشرف على مسطح برشلونة فقاتله وظهر عليه المسلمون ولكنه اهتبل فرصة انشغالهم عنه فأفلت من قبضتهم ، فمالوا إلى مركب طرطوشة واستولوا على ما فيه ، وكان فيه أربعة من أثرياء جنوة ومن أهل الثروة واليسار فيها. وعاد قائد الأسطول إلى ميورقة بعد هذه
__________________
= القاهرة : مكتبة الخانجي ، ط ٢ ، ١٩٩٦ ، ج ٢ ، ص ١٦٥ وما بعدها.