على كل جهد ، ناهد على أقبّ نهد (١). فأما الرجالة فكانت عدّة أهل البلاد منهم عشرين ألف راجل ، بين رامح ونابل ، وحام حامل ، وخاتر حاتل (٢) ، وأكمل لمراكب البحر من جوارحه (٣) ، وسراحين (٤) مسارحه (٥) ، ستة عشر ألفا شرط عليهم حمل السلاح ، وأن يحضروا معه حومة الكفاح.
وأمر أهل السّواحل بما شاء من الإنشاء ، وفرّغهم لنتاج الحاملات لعسكر الماء ، ووظف عليهم من أنواعها عددا ، وضرب لهم في الوفاء بها أمدا ، ووعد الجميع مرسى شلوط (٦) وهو أقرب المراسي للجزيرة ، وأخصّها
__________________
(١) النهد هو الفرس الضخم القوي والأنثى نهدة. ويقال : قبّ بطن الفرس فهو أقبّ ، إذا لحقت خاصرتها بحالبيه. والخيل القبّ : الضوامر. لسان العرب ، ج ١ ، ص ٦٥٩ ، وج ٣ ، ص ٤٢٩.
(٢) خاتر وختار وختّير وختور والمصدر هو الختر ويعني الغدر والخديعة ، وقيل : هو أسوأ الغدر وأقبحه. والحاتل هو المثل من كل الشيء. لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٢٢٩ ، وج ١١ ، ص ١٤١.
(٣) واحدتها : جارحة. وجرح الشيء واجترحه : كسبه. ويقال لإناث الخيل جوارح لأنها تكسب أربابها نتاجها. والجوارح من الطير والسّباع والكلاب : ذوات الصّيد لأنها تجرح لأهلها أي تكسب لهم. فالبازي جارحة ، والكلب الضاري جارحة. وهو تشبيه من المؤلف لرجال البحرية النصارى بهذه الحيوانات. لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٤٢٣.
(٤) واحدها سرحان. وتجمع أيضا سراح على وزن ثمان ، وسراحي بغير نون. والسرحان هو الذئب ، والأنثى سرحانة. وقيل هو الأسد. ومن الأمثال العربية : سقط العشاء به على سرحان. وأصله أن رجلا خرج يلتمس العشاء فوقع على ذئب فأكله. لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٤٨١.
(٥) واحدها المسرح : وهو المرعى والموضع الذي تسرح إليه الماشية بالغداة للرّعي. وفي حديث أم زرع : له إبل قليلات المسارح. قيل : تصفه بكثرة الإطعام وسقي الألبان أي أن إبله على كثرتها لا تغيب عن الحي ولا تسرح في المراعي البعيدة خوفا من أن ينزل به ضيف وهي بعيدة عازبة. لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٤٧٨.
(٦) هو مرفأ مدينة سالوSalou الواقعة على ساحل إمارة قطلونية ، ويبعد عن مدينة طركونة بحوالي ١٣ كيلومترا جنوبا. ومن هذا الثغر شرع النصارى في حشد قواتهم وأساطيلهم لغزو ميورقة ابتداء من شهر جمادى الأولى سنة ٦٢٦ ه / أفريل ١٢٢٩ م. شكيب أرسلان ، الحلل السندسية ، ـ