وحضرت الأوجال ، ووصله شيطانان دلّاه على أمور ، ودلّياه بغرور ، وقالا إن الرعية قد استضافت أرض المخزن (١) إلى أرضها ، وملكت كل البسائط بتملك بعضها ، ونحن ننقصها من أطرافها (٢) ، وننقضها باستصرامها.
/ ١٤ / فأخرج أحدهما لذلك من يومه ، وضمّ إليه ظلوما من قومه ، فدخلت على الناس أعظم داخلة ، وحاروا بين أعمال من الجور متداخلة ، ورفعت إليه هذه الظلامة فنجه (٣) الرّافع ، ووجّه الوعيد الرّابع ، فيئس الناس من الإشكاء ، وكانت لهم أموال وضنّوا في خالصها على الشركاء.
__________________
(١) المخزن : مصطلح كان يطلقه المغاربة والأندلسيون على السلطة بمفهومها الواسع ، وبعبارة جامعة كان المخزن سيفا وقلما. العروي ، مجمل تاريخ المغرب ، ج ٢ ، ص ٢٠٩.
(٢) إشارة إلى قوله تعالى : " أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب". سورة الرعد ، الآية ٤١.
(٣) من النجه بالفتح : استقبالك الرجل بما يكره وردّك إياه عن حاجته بأقبح ردّ. وقيل هو الزجر والرّدع. لسان العرب ، ج ١٣ ، ص ٥٤٧.