وجدوا بالكوفة. كانت جولة مهمة جدا ومحيرة حقا ، إذ لم نقدر على تتبعها أحيانا ، بل ضعنا في متاهاتها.
كانت العودة إذن إلى النخع ، ثم بدأ التجمع من هناك ، فكان مسير ذو منعرجات «وهو في ذلك يتجنب السكك التي فيها الأمراء» (١) ، أي طرق المرور التي تمسك بها الجبانات ، وهي الطرق الكبرى التي ورد ذكرها في هذا الصدد. وتتحول هذه المناهج إلى طرق كبرى متجهة إلى الحيرة ، عند مغادرة الكوفة ، كما أنها تتجه إلى مكة ودمشق والمدائن والبصرة ، وكانت تسمح في الداخل بتوجيه القبائل إلى المسجد. لا شك أن الجبانات كانت تقفل منافذها وتراقب منها المرور ، بكيفية أو بأخرى ، ونضيف أنه ربما لم يتبق منها إلا طرق قليلة لا كل الطرق التي خطّت في البداية. وسينتهي المسير ، في مرحلة ابراهيم هذه ضمن الخطط ، وينتهي باللحاق بالمختار. كان مسلكا مستفزا متسترا في آن ، حسب الوضع.
أ) لقد انطلق من النخع واتجه إلى مسجد السكون (٢) ، وهي عشيرة مهمّة من كندة.
ومن سيف عرفنا أن خطة كندة كانت مجاورة لخطة مذحج.
ب) ثم دخل المسلك قسرا إلى جبانة كندة التي لا شك أنها كانت غير بعيدة.
ج) تمثل جبانة أثير المرحلة الثالثة (٣). لكن أثيرا رجل من أسد والمعتقد لا محالة أنها كانت تقع بخطة أسد ، إلى جنوبي الجنوب الغربي لا في خطة مذحج كما جاء بخارطة ماسينيون ، وقد سمى البلاذري هذه الجبانة صحراء (٤) ، أما أبو مخنف فقد حار بين الاسمين. وما يميّز الجبانة من الصحراء أن الأولى كانت مخصصة للدفن كما للتجمعات من النوع العسكري ، في حين أن الثانية خصّصت للاحتفالات (٥). لكن يبدو أن صحراء أثير كانت صورة مزدوجة ، كما الأمر في جبانة سليم.
د) دحر إبراهيم خصومه تدريجيا ، من صحراء أثير إلى الكناسة (٦). وقد اعتمد ماسينيون مصدرا شيعيا ليجعل منها مزبلة لأسد (٧) ، وحدد موقعها بالباب الغربي في الكوفة. يمكن ويرجح أن هذه الساحة الكبرى كانت تقع في خطة أسد في بداية الأمر ، أي
__________________
(١) الطبري ، ج ٦ ، ص ٢١.
(٢) المرجع نفسه ، ص ٢١.
(٣) المرجع نفسه ، ص ٢١.
(٤) فتوح البلدان ، ص ٢٨٠.
(٥) انظر لا حقا.
(٦) الطبري ، ج ٦ ، ص ٢٢.
(٧): Massignon ,Art.cit.,p.٣٥. هو نفس الرحمان للطبرسي النوري وقد انفرد بذكر هذا الخبر.