وحجّه بهذا وسواه بما حج به خصومه ، وألزمه بما ألزمهم ، وقال : « أنا أحق منكم بهذا الأمر لا أبايعكم ، وأنتم أولى بالبيعة لي نخن أولى برسول الله حياً وميتاً ».
كان هذا في مسجد رسول الله ، وعمر متأهب للوثوب عليه ، قائلا للإمام : لستَ متروكاً حتى تبايع ، فقال علي :
« إحلب حلبا لك شطره ، وشدّه إلىوم يرده عليك غدا ؛ والله يا عمر : لا أقبل قولك ولا أبايعه »
ووقف عمر باهتا أمام هذا الإصرار ؛ فبدر أبو بكر الى عمر قائلا ، وقد تأزم الموقف وازداد تحرجا « فإن لم تبايع فلا أكرهك ».
وانتهز الفرصة أبو عبيدة ؛ وهو يتطامن لعلي ، ويتواضع إلىه ، ليّن العريكة ، هادىء الطبع ، متناغم اللفظ : « يا ابن عم : إنك حديث السن ، وهؤلاء مشيخة قومك ليس لك مثل تجربتهم ، وإنك إن تعش فأنت لهذا الأمر خليق في فضلك ودينك وعلمك وفهمك وسابقتك ونسبك وصهرك ».
وقد أبلغ أبو عبيدة في مراده ، وبذل غاية جهده ، وبالغ في الثاني واختيار اللفظ المناسب للمعنى المناسب ، عسى أن يؤثر هذا الأ ُسلوب الجديد بعلي ، أو يثني من عزمه ، ولكن عليا أنقى فكراً ، وأصفى ذهناً من أن ينطلي عليه هذا الملحظ ، فغضب وسرد الحقيقة المرّة التي سمعها أبو عبيدة فانهارت أعصابه ، وتهاوت أحلامه ، فعلي يجبهه مصارحا :
« الله الله يا معشر المهاجرين ... تخرجون سلطان محمد في العرب من داره وقعر بيته ، وتدفعون أهله عن مقامه في الناس ، فوالله