لنحن أحق الناس به لأنا أهل البيت ، ونحن أحق بهذا الأمر منكم ؛ ما دام فينا القارىء لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ، العالم بسنن رسول الله ، المضطلع بأمر الرعيه ، الدافع عنهم الاُمور السيئه ، القاسم بينهم بالسوّية ».
وكان علي بهذا يعني نفسه ويشير إلى ملحظين :
الاول : انه من اهل البيت الذي أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
الثاني : أنه المرشح للاضطلاع بالمسؤولية ، لما يحمله بين جنبيه من تتبع لكتاب الله قراءة ومعرفة وتأويلاً ، وما يتمتع به من علم وفقه وسنّة ، وما يضطلع به من أمر الرعيّة، في الذبّ عنها في الضرّاء، والسرّاء ، والعدل فيها عند الشدة والرخاء. ثم يؤكد هذا لأبي عبيدة محذرّاً :
« وإنه والله لفينا يا أبا عبيدة ، إنه لفينا فلا، تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبيل الله ، وتزدادوا عن الحق بعداً ».
لقد بلغ التأثر عند علي حداً لا يطاق معه السكوت ، فعاود الاحتجاج موكداً ، وأكده مردداً في هذه الإشارات الدقيقة التي استمعها أبو عبيدة ذاهلاً؛ ولكن بشير بن سعد الأنصاري استمعها متأثراً بها ، وهو الذي مهّد لأبي بكر من الخزج ، فما ملك نفسه أن يقول : لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك يا علي قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلفت عليك ، وكلام بشير حجة عليه هو نفسه ، فهل يُجهل مقام علي لديه حتى يستظل بهذه المعاذير التي لا تخفى على من له ادنى دراية بشوؤن الناس ومقتضيات الأحوال.