على الباطل من عسى أن يستجيب ، ولم تكن الاستجابة إلا معاذير وآهات ، ولم تجد النصره إلا خذلاناً وإعضماضاً ، فكانت جموع الأنصار تجيب بلسان واحد ، متجهة إلى الزهراء :
« يا بنت رسول الله قد مضت بيعتنا لهاذا الرجل ، ولو أن ابن عمك سبق إلىنا ماعندلنا به ».
وتغصّ الزهراء بريقها ، ويجيبهم عليٌّ :
« أفكنت أدعُ رسول الله في بيته لم أدفنه ، ثم أخرج اُنازع الناس سلطانه ».
وتنتهي الزهراء إلى النتائج هذه لا تجد ناصراً ، ولا تلمس موازرأً ، بل تجد لائمة دون روّية ، فتصدع بالنهاية : « ما صنع والله ابو الحسن إلا ما كان ينبغي له ....... وقد صنعوا ما الله حسيبهم عليه ».
وكان ماسبق من اختلاف بعض الأنصار إلى علي ، ومحاججة علي بحقه ، وتلاوم بعض الناس في شأن علي ، واجتماع بعض المهاجرين والأنصار في فضاء بني بياضة ، واحتجاج جملة من الصحابة على أبي بكر في مسجد رسول الله ، واستنصار علي بالزهراء للأنصار؛ كان كل ذلك مبرراً سياسياً لأن يشدد الشيخان القبضة على الحكم ، وأن يلجئا إلى القوة والعنف.
وكان عليٌّ في دار الزهراء ، وقد لجأ إليها سلمان وعمار والمقداد، أبوذر والزبير وسواهم من بني هاشم ، وطائفة من الأنصار تصابحهم وتماسيهم ، متألبة حيناً ، ونادمة حيناً آخر ، وكان الإحساس بشيء من الخطر يدبّ إلى نفس الشيخين ، فليحسما هذا الموضوع ، وأقبل عمر في شدته ، ومعه جملة من الاعوان في طليعتهم أسيد بن حضير زعيم