نظرت الزهراء فإذا يدها صفر من كل شيء : فدك ، الميراث ، السهم المفروض. فلا هي ترث أباها كالمسلمين ، ولا وضع يدها على فدك يحول دون مصادرتها وفيها عمالها ورجالها ، ولا الحق الشرعي النازل من السماء يصل إلىها ، وإذا بها رعية لا تملك شيئاً ، ومغتصبه لا تقدر على شيء ، ومنتهبة لا فرصة لديها في استرداد حق أو استرجاع نصيب.
انتهت الحقوق المالية لديها الى زاوية حادة كما انتهت الحقوق القيادية لزوجها إلى درب مسدود ، فعاد الاثنان علي وفاطمة متساويين في الحرمان والاضطهاد ، ومتناظرين في المحنة والابتلاء.
واكبر الظن أن ابا بكر قد رد الزهراء في الميراث والنحلة وسهم ذوي القربى ، لا تشكيكاً في صدقها ، فهو أعلم الناس بصدقها في قرارة نفسه دون شك ، ولكنه احتاط لنفسه كثيراً ، ولمنصبه أكثر ، فما أراد أن يأخذ على نفسه أمام المهاجرين والأنصار أنها صادقة ، إذ لو أخذ على نفسه ذلك لكان في أشد الحرج وأعسر الضيق ، فما يدرينا ؛ فلعل الزهراء تأتيه غدا فتقول له إن أبي قد نصّ على عليّ بالخلافة ، سمعتُ هذا ووعيت هذا ، فما هو موقفه يا ترى؟ وقد حكم لها على نفسه بالأولى ، فما له لا يحكم لها في الآخرة ، إذن فليحسم الأمر منذ لحظاته الأولى ، فالنبي لا يورث ، ولم ينحل الزهراء فدكاً والشهاد ناقصة : زوجها يجرّ النار الى قرصه ، وأم أيمن أعجمية فيما يزعم عمر ، والحسن / والحسين صبيان لا شهاد لهما ، أما وضع إلىد على فدك من قبل الزهراء في حياة أبيها ، وتصرفها في ذلك جهاراً ، فأمر مغموض عليه ، أو أريد أن يغمض عليه ، وأما سهم ذوي القربى فيضعه ببيت المال فالمأمور بإعطائه رسول الله وقد مات ، وكأن الحكم قد نسخ وإلى