أو بنو هاشم ، حجج لا تقوم على أساس متين ، ومعاذير لا تستند إلى ركن وثيق. وهل لقريش أن تنظر لنفسها وتختار ، والقرآن يصرح :
( وَرَبُّكَ يَخلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَختَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ ) (١).
ولو انصاعت قريش لما اختاره الله لوفقت وأصابت ، ولكنها السياسة الدقيقة التي أحكمت الرتاج ، وأغلقت الأبواب ، وألقت من شاءت وما شاءت ومتى شاءت وراء الأسوار.
ولو أبصرت قريش رشدها يوماً لنظرت إلى علي عليهالسلام نظرة فاحصة محققة لتجده ، أول القوم إسلاماً ، وأقدمهم إيماناً ، وأكثرهم غناء عن الإسلام ، وأعظمهم دفاعاً عن الدين ، وأثبتهم يقيناً بالله ، وأخشنهم نفساً في ذات الله ، وأحوطهم لنفسه وللمسلمين ، وأنصحهم لله ولرسوله ، وأفضلهم سابقة ، وأقومهم عوداً ، وأرفعهم منزلة ، أعلاهم درجة ، وأرسخهم شجرة ، وأينعهم ثمرة ، وأبلغهم منطقاً ، وأفصحهم كلاماً ، وأشدهم ساعداً ، وأثبتهم جناناً ، وأكفأهم مراساً في الحروب ، وأسبقهم حضوراً في المشاهد ، وأقلهم متاعاً في الدنيا ، وأكثرهم رغبة في الآخرة. فإذا أضفت لذلك العلم في الكتاب والسنة ، والحلم في السياسة والرعية ، والصبر على المكاره والشدائد ، والحزم في الملمات والنوازل ، والورع لدى الشبهات ، والمسارعة إلى الخير ، والإتباع لسنن العدل ، والإقتفاء لأثر الرسول ، والرفق بالضعفاء ، والعطف على الفقراء ، والشدة على أعداء الله ، والرحمة بأولياء الله ، والسبق لما يرضي الله ، لوجدت الإمامة بحاجة إليه ، والخلافة ينبغي أن تسعى إليه ، فبه تزان ، وعليه تنعقد ، وفيه تُشَرّفُ.
كل هذا لم ينظر إليه في علي عليهالسلام ، بل ما شاؤوا أن ينظروا
__________________
(١) سورة القصص ، الآية : ٦٨.