فقال علي عليهالسلام : خَفضّ عليك. من هنا ومن هنا :
( إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا ) (١).
فوضع عمر إحدى يديه على الأخرى وأطرق إلى الأرض ، كأنما ينظر في رماد.
وكما نصح عليّ عليهالسلام لعمر (رض) من موقعه القيادي ، فقد أبان عمر منزلته في غير موضع ، وتحدث عن فضله بأكثر من حقيقة ؛ فقد روى ابن أبي الحديد عن أبي بكر الأنباري : أن علياً جلس إلى عمر في المسجد ، فلما قام من مجلسه ؛ عرض بعضهم به ونسبه إلى التيه والعجب ، فقال له عمر :
وحق لمثله أن يتيه ، والله لولا سبقه لما قام عمود الإسلام ، وهو بعد أقضى الأمة ، وذو سابقتها وشرفها ، فقال له الرجل : ما دام كذلك فما منعكم عنه؟ قال : كرهناه لحداثة سنه ، وحبه لبني عبد المطلب.
ولم يكن عليّ عليهالسلام حدث السن ، فقد تجاوز الثلاثين من عمره عند وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وحنكته التجارب والمواقف ، وجعلت منه قائداً ألمعياً في الظروف الصعبة الشاقة ، ولم يكن محباً لبني عبد المطلب بالشكل الذي يخرجه من الحق ، فقد روى الصحابة أجمعهم قول الرسول :
« علي مع الحق والحق مع علي » وقد وجدنا سيرته مع بني هاشم عند توليه الخلافة كسيرته مع غيرهم عدلاً وإنصافاً.
وكان عمر يكرر هذين الملحظين في علي عليهالسلام ، فهّلا كرر الأول بأمرة أسامة بن زيد على شيوخ المهاجرين والأنصار ، وهو دون
__________________
(١) سورة النبأ ، الآية : ١٧.