وكان ابن أبي سرح في مصر ، يعيش حياة الترف والبذخ ، ويحيا ليالي المجون والخلاعة ، ويقتنص ما لذ وما طاب من غنائم المسلمين ، ويحتجز ذلك لنفسه ولحاشيته طيلة عشر سنوات من الحكم الرخي اللذيذ.
٣ ـ ولّى عثمان الوليد بن عقبة بن أبي معيط حاضرة الكوفة وكان يعرف هو وإخوته بصبية النار ، وسبب ذلك أن النبي قد أمر بقتله وكان أسيراً في غزوة بدر ، فقال : أأقتل دون قريش؟ فمن للصبية يا محمد؟ فقال النبي : النار.
والوليد أخ لعثمان من أمه ، وقد نشأ في أحضانه ، وأسلم يوم الفتح ظاهراً ، وتولى للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم صدقات بني المصطلق ، وما لبث أن عاد إلى المدينة ، وأخبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بإرتداد هؤلاء عن الإسلام زوراً وبهتاناً ، واستطلع النبي الحال فوجدهم بخلاف ذلك ، ونزل فيه قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) (١).
فسمي يومئذ بالفاسق ، فقربه عثمان ، وأعلا منزلته ، وكان يجلس مع عثمان على سريره ، وولاه الكوفة وعزل عنها سعد بن أبي وقاص ، فلما دخل على سعد ومعه كتاب الولاية ، قال سعد : « والله لا أدري أكست بعدنا ، أم حمقنا بعدك » فقال الوليد : « لا تجزعن أبا إسحاق ، إنه الملك يتغداه قوم ، ويتعشاه آخرون » وكان حرياً إلى أن يكشف ما هو الواقع في الأمر فهو الملك لا أكثر ولا أقل فما كاس يوماً ولا حمق سعد.
__________________
(١) سورة الحجرات ، الآية : ٦.