وتسلم الوليد ولاية الكوفة ، وكان خليعاً ماجناً يتجاهر بالخمرة ، ولا يفيق من السكر ، وهو إمام القوم وصلى بالناس صلاة الصبح أربع ركعات ثم تهوع بالمحراب ، وأضاف إلى ذلك الأفاعيل وأتبعها بالأباطيل ، فضج أهل الكوفة عليه وعلى عثمان ، وتشدد عليّ عليهالسلام فأمر بإقامة حد السكر عليه ، وعزله عثمان بعد اللتيا والتي ، وأخلفه بسعيد بن العاص ، فكان أدهى وأمر ، وأنكى وأشر ، فجرت بينه وبين أهل الكوفة خطوب انتهت بالثورة المسلحة على عثمان.
٤ ـ أقر عثمان معاوية على الشام كلها بما فيها حمص وفلسطين ، فاستهتر بالحكم ، وإستبد بالولاية ، وسار في الناس سيرة ملوك الروم حتى عدّ من الجبارين في الأرض ، وعمد إلى بيت المال فانتهبه انتهاباً ، وأسرف على نفسه إسرافاً كثيراً ، وتحين إلى شراء الضمائر بالمال ، وإمتلاك الذمم بالإمارات الصغيرة وخنق الأنفاس بالإرهاب وهو يتصنع الحلم ، وبذر أموال المسلمين وهو يتظاهر بالكرم ، وبنى الخضراء وأنفق على بنائها عائدات الفيء والخراج بملايين الدراهم أو الدنانير الذهبية ، وكان يكثر من القول : « إن الأرض لله ، ونحن خلفاء الله في أرضه ، فما أخذناه من الأموال فهو لنا ، وما تركناه فهو جائز لنا ».
وأنكر المسلمون هذا القول ، وأنكروا منه تلك الأعمال التي أرتكبها مخالفاً بها الشريعة ، وأنكروا منه التلاعب بحقوقهم والإعتداء على ممتلكاتهم ، والإستهانة بأقدارهم ، وشكوه إلى عثمان فما غير ولا بدل ، ووسطوا له علياً ، فما استمع ولا أقال.
٥ ـ أطلق عثمان لبني أمية ومسلمة الفتح العنان في تخير آفاق الدنيا ، وتولي شؤون الحكم ، فالوليد بن عقبة على الكوفة فسعيد بن العاص ، وعبد الله بن عامر بن كريز ابن خالته على البصرة ، وعبد الله بن