سعد على مصر ، ويعلى بن أمية على اليمن ، وأضرابهم في الولايات الأخرى ممن لم يكونوا في عداد المسلمين قَدماً وقُدماً ، فهم بين الناس من أغمار الناس ، وظل أبناء المهاجرين والأنصار تبعاً لهم وعالة على أنفسهم ، لا يتمتعون بطائل ، ولا ينعمون بنائل ، فهم من سواد الناس بلا عمل مناسب ، ولا مركز محسود ، واستبد أبناء الطلقاء بكل شيء.
ثالثاً : ضعف السلطان ؛ كان ابو بكر (رض) ليناً في غير ضعف ، وكان عمر (رض) شديدا في عنف وغير عنف ، وكان أبو بكر يمزج لينه بصرامة وحزم ، وكان عمر يمزج شدته بصيحته ودرته ؛ وقد اعتاد الناس هذا اللون من الحكم ، فالحاكم هو الآمر الناهي ؛ وحينما ولي عثمان (رض) أختلفت الحال ، فقد كان رفيقاً مع أسرته ، متسامحاً مع حاشيته ، حتى عاد بين هذه الرقة وذلك التسامح ضعيفاً مستضعفاً ، ولم يبق لعثمان في الحكم إلا الأسم ، وصار رمزاً شاخصاً للخلافة ليس غير ، وسيطر مروان بن الحكم سيطرة تامة على السلطان ، فادار الحياة السياسية والإدارية كما يشاء وبما يشاء ، حتى ظهر للعيان أن الخليفة محكوم عليه ، وأن الشؤون العليا للدولة يستبد بها مروان استبداداً تاماً حتي قيل أن ختم عثمان الذى يمضى به الامور كان بيد مروان وأفاق المسلمون على هذه الحقيقة ، فرأوا التولية والعزل يصدران عن مروان ، ورأوا المال والفيء يقسم بإشارة مروان ، ورأوا الأوامر تنفذ عن رأي مروان ، ولم يكن مروان محبباً للنفوس ، ولم يكن ورعاً في أمانته ، ولم يكن قديراً على إدارة دفة الحكم ، وما زال المسلمون ينظرون إليه وإلى أبيه بأنه طريد رسول الله وابن طريده ، وما زالت النظرة إلى مسلمة الفتح فيها كثير من الإستهانة ، فهو ليس هناك كما يقال.
وتوسع المسلمون في الفتوح ، وترامت أطراف الدولة ، وكثرت