المال ، فعاش متكففاً فقيراً ، وازدادت الحال سوءاً بينه وبين عثمان ، فجاهر بالمعارضة حتى لزم فراش المرض الطويل ، فلما دنا أجله خفّ عثمان لعيادته متطلباً عفوه ورضاه ، ولكن الرجل ظل حانقاً محتجاً متبرماً حتى آخر لحظة من حياته ، وجرت بينهما المحاورة الآتية :
قال عثمان له : يا أبا عبد الرحمن ما تشتكي؟
قال ابن مسعود : ذنوبي.
قال عثمان : فما تشتهي؟
قال ابن مسعود : رحمة ربي.
قال عثمان : ألا أدعو لك طبيباً؟
فقال ابن مسعود : الطبيب أمرضني.
وحاول عثمان استرضاءه ، وقال له : أفلا آمر لك بعطائك؟
فقال ابن مسعود : منعتنيه وأنا محتاج له ، وتعطينيه وأنا مستغنٍ عنه.
قال عثمان : يكون لولدك.
فقال ابن مسعود : رزقهم على الله.
واستعطفه عثمان فقال : « فاستغفر لي يا أبا عبد الرحمن ».
فردّه ابن مسعود بداهة : أسأل الله أن يأخذ لي منك بحقي.
فظل عثمان باهتاً ، وتولى عنه مسرعاً.
وأوصى ابن مسعود أن لا يحضر جنازته عثمان ، ولا يصلي عليه ، ومات ابن مسعود فلم يؤذن أحد عثمان بموته ، وصلى عليه عمار بن