ياسر ، ودفن في كثير من الكتمان ، ومرّ عثمان من الغد بقبر جديد ، فسأل عنه ، فقيل إنه قبر ابن مسعود ، فقال : سبقتموني به ، فقال عمار : إنه عهد إلي بذلك وأوصى أن لا تصلي عليه ، فحقدها عثمان على عمار ، والتفت إلى الحاضرين قائلاً : رفعتم والله أيديكم عن خير من بقي. فلذعه الزبير منشداً :
لا ألفينّكَ بعدَ الموتِ تندبُني |
|
وفي حياتِي ما زودتَني زادا |
ثالثاً : عمار بن ياسر
حليف بني مخزوم ، كان من أوائل المسلمين ، وهو أحد المستضعفين في الأرض مع أبويه : ياسر وسمية ، عذبوا جميعاً في ذات الله ، حرًقوا بالنار ، وعرضوا لشمس مكة المحرقة ، وضربوا بالسياط ، فمات أبوه تعذيباً ، ورميت أمه بحربة كانت فيها روحها الطاهرة ، وكان عذابهم يستدر عطف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويستنزل رحمته حتى قال : « اللهم اغفر لآل ياسر وقد فعلت ». هاجر الهجرتين ، وبايع البيعتين ، وصلى الى القبلتين ، وله فضيلة كبرى ، فهو من القلائل الذين اتخذوا من بيوتهم في مكة مساجد ، فكان له مسجد في بيته يصلي فيه ، وهو الذي فاق أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في بناء مسجده في المدينة ، فكان المسلمون يحمل كل منهم لبنة لبنة ، وكان عمار يحمل لبنتين لبنتين ، وشهد المشاهد كلها مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبلى في اليمامة بلاءً حسناً ، وولاه عمر أميراً على الكوفة ، فكان مثال الوالي النزيه ، وكان من السابقين إلى أمير المؤمنين ، ينفّذ أمره ، ويتبع خطاه ، وقد نقم على عثمان فيمن نقم : تصرفه اللامحدود في بيت المال ، وأنكر عليه سياسة التولية لقرابته وأسرته ، بلا كفاية في الإدارة ، ولا أمانة على المال ، ولا وازع من تقوى الله تعالى ، وجاهر عمّار في معارضة عثمان بتغيير السنن ، ووضع الأمور