يتطلعون أخبار المدينة ، وهم يتشاورون مع أهل المدينة.
ورأى جماعة من المهاجرين والأنصار الفتنة تقترب ، فأنكروا أعمال عثمان ، ولاموا عماله ، وقرروا أن ينتزعوا علياً عليهالسلام من عزلته ، ليكون سفيرهم إلى عثمان ، عسى أن يجعل الله على يديه فرجاً مما نزل بالمسلمين ، وقد أحسنوا بذلك صنعاً ، فما امتنع علي عليهالسلام عن ذلك ، بل سعى إليه راغباً بالإصلاح بين أمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ودخل عليّ عليهالسلام على عثمان وبدأ معه الحديث رقيقاً ممتعاً يثير الإعجاب ، وقال لعثمان :
« إن الناس ورائي ، وقد استسفروني بينك وبينهم ، والله ما أدري ما أقول لك ، وما أعرف شيئاً تجهله ، ولا أدلك على أمر لا تعرفه ، إنك تعلم ما نعلم ، ما سبقناك إلى شيء فنخبرك عنه ، ولا خلونا بشيء فنبلّغكه ، وما خصصنا بأمر دونك. وقد رأيت وسمعت وصحبت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما ابن أبي قحافة بأولى بعمل الحق منك ؛ ولا ابن الخطاب بأولى بشيء من الخير منك ، وإنك أقرب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رحماً ، ولقد نلت من صهر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما لم ينالا ، ولا سبقاك إلى شيء. فالله الله في نفسك ؛ فإنك والله ما تبصّر من عمى ، ولا تعلم من جهل ، وإن الطريق لواضح بيّن ، وإن أعلام الدين لقائمة.
تعلم يا عثمان أن أفضل عباد الله عند الله إمام عادل هُدي وهدى. فأقام سنة معلومة ، وأمات بدعة متروكة. فوالله إن كلاً لبيّن ، وإن السنن القائمة لها أعلام ، وإن البدع القائمة لها أعلام ، وأن شر الناس عند الله إمام جائر ضَلَّ وضُلّ به ، فأمات سنة معلومة ، وأحيا بدعة متروكة. وإني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول :
« يؤتى يوم القيامة بالإمام الجائر وليس معه نصير ولا عاذر فيلقى