لعثمان بإخراجهم من الشام خشية إفسادها ، فسيرهم عثمان إلى حمص ، وواليها عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، فأغلظ لهم ، وأذاقهم سوء العذاب ، وعنفهم ، حتى ظن أنهم قد أقلعوا عما هم عليه ، أو من أجل أن لا يتحمل جريرتهم ، فكتب إلى عثمان بردهم إلى الكوفة ففعل بعد هن وهن ، وعادوا إلى الكوفة ، فأطلقوا ألسنتهم على عثمان.
وكانت مصر من أشد المعارضين لحكم عثمان وبطانة عثمان ، يؤلبها محمد بن أبي بكر ، ومحمد بن أبي حذيفة ، وقد صحت عزيمتهما في منابذة عثمان ، فسار محمد بن أبي بكر فيمن سار إلى المدينة من المصريين ، وأقام محمد بن أبي حذيفة بمصر ، واستولى عليها ، وخلع ابن أبي سرح منها ، وكانت هذه الحركة منه فيها كثير من الجراءة على عثمان ، والإستهانة بسلطانه.
وكانت الأقطار الثلاثة : البصرة ، الكوفة ، مصر ، قد خلعت طاعة عثمان ، وتوافد فرسانها إلى المدينة ، فاختلطوا بالناقمين على عثمان من المدينة ، وكان هوى أهل البصرة في طلحة وقد توافدوا على المدينة بقيادة حكيم بن جبلة العبدي ، وعلى الجميع حرقوص بن زهير السعدي ، وكان هوى أهل الكوفة منقسماً بين علي والزبير ، وقد خرجوا بألفين من فرسانهم فيهم : مالك الأشتر وزيد بن صوحان ، وزياد بن النضر الحارثي ، وعبد الله بن الأصم الغامدي.
وكان هوى أهل مصر في علي ، وخرجوا بألفين بإمارة أبي حرب الغافقي ، وعبد الرحمن بن عديس البلوي ، وكنانة بن بشر الليثي ، وسودان بن حمران السكوني ، وقتيرة بن وهب السكسكي. فنزل أهل البصرة ذا خشب ، ونزل أهل الكوفة الأعوص ، ونزل أهل مصر المروة ؛ وكلها مواضع قرب المدينة ، فهم قد تجمعوا خارج المدينة ، وهم