فالتفت عثمان إلى من حوله وقال : انظروا إلى هذا فإن الناس يزعمون أنه قارئ ، ثم هو يجيء فيكلمني في المحقرات ، فوالله ما يدري أين الله.
وكانت هذه إستهانة بالرجل أيما إستهانة بالرجل؛ فقال العنبري : أنا لا أدري أين الله؟
فقال عثمان : نعم والله ما تدري أين الله. فقال الرجل : « بلى والله ؛ إني لأدري أن الله بالمرصاد لك يا عثمان » وخرج الرجل من عثمان ساخطاً متبرماً ، وانتشر حديثه في الآفاق.
ولم تكن البصرة وحدها قد أنكرت على عثمان أعماله ، فقد شاركتها الكوفة النكير لا سيما في عهد سعيد بن العاص القائل : إن السواد بستان لقريش ، والعامل بخلاف السنة ، والمنتهك لحرمة الإسلام ، فأنكر عليه أقواله وأعماله مالك الأشتر والنخع بعامة ، ومالك بن كعب الأرحبي ، والأسود بن يزيد النخعي ، وعلقمة بن قيس ، وصعصعة بن صوحان ، وزيد بن صوحان ، وثابت بن قيس الهمداني ، وكميل بن زياد النخعي ، وجندب بن زهير الغامدي ، وجندب بن كعب الأزدي ، وعروة بن الجعد ، وعمرو بن الحمق الخزاعي وغيرهم ، وهؤلاء شيوخ أهل الكوفة فقهاً ورواية وقراءة وزعامة وزهداً وتقشفاً ، فكتب سعيد بن العاص بهم إلى عثمان ، فأمره بتسييرهم إلى الشام ، وكتب إلى معاوية :
إن نفراً من أهل الكوفة قد هموا بإثارة الفتنة ، وقد سيرتهم إليك فانههم ، فإن أنست منهم رشداً فأحسن إليهم وارددهم إلى بلادهم.
فقدموا على معاوية ، وجرت بينه وبينهم أحداث وخطوب ، فكتب