وأبى البيعة زيد بن ثابت وهو عثماني الرأي فيما يزعم ، ومحمد بن مسلمة وهو يحب أن يعتزل فيما يرى ، وأسامة بن زيد ، وقد انحرف عن الإمام منذ أن أمّر ، والبيت الأموي بعامة وفي طليعتهم مروان بن الحكم ولم يكن هناك ، وحسان بن ثابت الذي هنأ الإمام بالغدير في حياة النبي ، وانحرف عنه ، وحرضّ الناس عليه.
ما استكره الإمام أحداً على البيعة ، وكف عنهم ، وأبى أن يعرض لهم أحد بسوء ، فما كانت البيعة لينقصها هذا العدد الضئيل ، وهي ليست من الضعف بأن يؤثر عليها هذا النفر المحدود.
تمت البيعة لعلي عليهالسلام ، وكانت رضا لعامة المسلمين إلا هذا النفر الشاذ ، وكان حرياً أن تستقيم له الأمور ، لأنه ما أرادها ولكنها أرادته ، وما تزين بها ولكنها إزدانت به ، فهو أكبر منها قدراً ، وأعلى منزلة. والجدير بالذكر أن الإمام قد أوجز الحال فيها على الشكل الآتي :
« بسطتم يدي فكففتها ، ومددتموها فقبضتها ، ثم تداككتم عليّ تداك الإبل الهيم على حياضها يوم ورودها ، حتى انقطعت النعل ، وسقطت الرداء ، ووطىء الضعيف ، وبلغ من سرور الناس ببيعتهم إياي أن ابتهج بها الصغير ، وهدج إليها الكبير ، وتحامل نحوها العليل ، وحسرت إليها الكعاب ».
وقد تمت البيعة لأمير المؤمنين بعد مقتل عثمان بخمسة أيام وكان أمام أمير المؤمنين جملة من المشكلات المهمة ، والقضايا العاجلة التي يجب أن يبتّ فيها فوراً ، وقد يطول الحديث عنها ، ولكنه حسم قضيتين مهمتين :