وكانت الاستجابة مقترنة بحملهم على سبيل رسول الله ليس غير ، وهو ما يعلمه الإمام.
استبشر الناس بهذا القرار الحاسم ، ووافقوا على النهج الذي يختطه الإمام ، وهبوا لمبايعته ، ولكنه أبى وقال : « إن كان لا بد من ذلك ففي المسجد ، فإن بيعتي لا تكون خفياً ، ولا تكون إلا عن رضا المسلمين ، وفي ملأ وجماعة ».
وكأن علياً أراد ببيعته الإصحار لا الإسرار حتى لا يدعي أحد الإكراه ، وكأنه أراد المهاجرين والأنصار حتى لا يتخلف أحد ، وكأنه أراد كما في بعض المرويات أهل بدر بخاصة ، فلم يبق بدري إلا أتى علياً ، وقالوا له جميعاً :
ما نرى أحداً أحق بها منك يا أبا الحسن. وكان ما قالوا عين الصواب فهم يعرفون عليّا وسابقته. وقد جاؤوا بعلي عليهالسلام إلى المسجد النبوي ، وتمت بيعته جهاراً على كتاب الله وسنة نبيه ، فقال علي : « اللهم إشهد عليهم ».
وكانت البيعة رضا للمهاجرين والأنصار ، وبمباركة أهل بدر خاصة ، وكانت رضا للثوار من الأمصار والأقاليم ، وتخلف عن البيعة من طمع بالخلافة ، أو انحرف عن الإمام ، أو أظهر الاعتزال ، وهم جماعة يعدون بالأصابع ، فما ألح عليهم الإمام ، وفي طليعتهم سعد بن أبي وقاص ، فقد أبى أن يبايع وقال للإمام « ما عليك مني من باس » وعبد الله بن عمر بن الخطاب أبى أن يبايع فطلب إليه الإمام أن يقدم كفيلاً ، فما وجد كفيلاً أو أبى أن يقدم كفيلاً ، فقال الإمام : خلوه وأنا كفيله ، والتفت إليه قائلاً : « ما علمتك إلا سيىء الخلق صغيراً وكبيراً »