يزعج من فيه ، فكان هناك يعلى بن أمية وعبد الله بن عامر ، وسعيد بن أبي العاص ، وجملة من الأمويين بقيادة مروان بن الحكم ، وفر إلى هناك من أراد الإنحياز عن علي عليهالسلام ، والابتعاد عن الأحداث كعبد الله بن عمر وأمثاله ، واستقر هناك أعداء عليّ من المقيمين بمكة ، والقادمين إليها من الآفاق ، وكان هناك من أزواج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عائشة وحفصة وأم سلمة في تأدية المناسك ، وقد أكملت عائشة أم المؤمنين حجها ، وإنها لفي طريقها إلى المدينة وإذا بالأنباء تنعى إليها عثمان ، وأخبرت ـ خطأ أو إختباراً ـ ببيعة طلحة ، فاهتزت لذلك طرباً وقالت : إيهاً ذا الأصبع ، إيهاً يا ابن العم. وطلحة تيمي من رهط أبي بكر ، وما اكتفت بهذه الفرحة بل أظهرت سروراً عظيماً بمقتل عثمان ، وقالت فيما قالت : أبعده الله.
ولكن الفرحة لم تتم لها إذا أنبأها بعض من في الطريق بحقيقة الأمر ، وأن علياً عليهالسلام قد بويع له بالخلافة ، فضاقت عليها الأرض بما رحبت ، وقالت :
ليت السماء أطبقت على الأرض ، ردوني فقد قتل عثمان مظلوماً. والله لأطلبن بدمه ، وكان وليّ دم المقتول ، والقيم على امور المسلمين.
عادت السيدة عائشة إلى مكة ، وعمدت إلى حجر إسماعيل فاتخذت فيه ستراً ، وجعلت منه مقراً ، واختلف إليها الناس فأسمعتهم من عذر عثمان ما أعجبهم ، وأظهرت من المطالبة بالثأر له ما أحفظهم ، وكانت تقول :
« لقد غضبنا لكم من لسان عثمان وسوطه ، وعاتبناه حتى أعتب وتاب إلى الله ، وقبل المسلمون منه ، ثم ثار به جماعة من الغوغاء والأعراب فماصوه موص الثوب الرخيص حتى قتلوه ، واستحلوا بقتله