الدم الحرام في الشهر الحرام في البلد الحرام ».
سمع الناس من عائشة هذا وأكثر من هذا ، فتأثروا بها ، فبينا هي تنعى على عثمان أعماله ، وتنكر عليه أشد الإنكار ، وتدعوا إلى قتله ، وإذا بها تتظلم له ، وتتفجع عليه ، فكان الناس أسرع إليها من إسراع الفراش إلى النار ، ومن إسراع النار في الحطب الجزل.
واتخذت عائشة هيئة استشارية من عبد الله بن الزبير ، ومحمد بن طلحة ، ومروان بن الحكم ، ويعلى بن أمية ، وعبد الله بن عامر ، وتوجهت بعلمين من أعلام الشورى هما طلحة والزبير ، فكانت مثابة للناس ، ومأوى للمتمردين على علي عليهالسلام.
وحقد عائشة على عليّ قديم منذ حديث الإفك ، إذ يقال إنه أشار على النبي بطلاقها ، وأنه قال : إن النساء غيرها كثير. وكون علي عليهالسلام أباً للذرية الطاهرة من الزهراء ، والزهراء ابنة ضرّتها خديجة ، وخديجة أحب إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم منها ، وعليٌّ ذو المنهج الواضح بإلغاء الإمتيازات ، وعلي حبيب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد كان يضايقها ذلك ، وعليّ قد هتف باسمه المعارضون لإستخلاف أبيها. كل أولئك أسباب لموجدتها على عليّ عليهالسلام ، ولا ذنب له في ذلك ، ولكنها إمرأة سبقت إلى عاطفتها وتركت عقلها ، وإذا جاشت العواطف وتحركت الأحاسيس الكامنة ، صمت منطق الرشد ، وتلاشى سلطان العقل.
قصدها والي عثمان على مكة وقال : ما ردّك يا أم المؤمنين؟ قالت : ردي أن عثمان قتل مظلوماً ، فاطلبوا بدم عثمان تعّزوا الإسلام.
إنها دعوة صريحة إلى النخوة ألفت آذاناً صاغية من رجال الحكم