قال ابن رفاعة : فإن لم يتركونا ؛ قال الإمام : امتنعنا منهم.
واستمع الحديث ابن غزية الأنصاري فهب قائلاً :
« والله لأرضينك بالفعل كما أرضيتني بالقول ، ولأنصرن الله كما سمانا أنصاراً ».
وانتهت المحاورة بانتصار الإمام ، وسار جيشه يُرتَجز أمامه :
سِيروا أبابَيلَ ، وحثوا السَيرا |
|
إذ عزمَ السيرُ وقُولُوا خَيرا |
وقد أوضح علي عليهالسلام نية أصحاب الجمل كما أوضح نيته ، وأبان فيهم ما استتر على الناس من علم تلقّاه من الصادق الأمين ، فقد خطب وقال :
« أيها الناس إن عائشة سارت إلى البصرة ، ومعها طلحة والزبير ، وكل منهما يرى الأمر له دون صاحبه ، أما طلحة فابن عمها ، وأما الزبير فختنها ، والله لو ظفروا بما أرادوا ـ ولن ينالوا ذلك أبداً ـ ليضربن أحدهم عنق صاحبه بعد تنازع شديد ، والله إن راكبة الجمل الأحمر ، ما تقطع عقبة ولا تحل عقدة إلا بمعصية الله وسخطه ، حتى تورد نفسها ومن معها موارد الهلكة ، أي والله ليقتلن ثلثهم ، وليهربن ثلثهم ، وليتوبن ثلثهم ، وإنها التي تنبحها كلاب الحوأب ، وإنهما ليعلمان أنهما مخطئان ، ورب عالم قتله جهله ، ومعه علمه لا ينفعه ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، فقد قامت الفتنة فيها الفئة الباغية ، أين المحتسبون؟ أين المؤمنون؟ ما لي ولقريش؟ أما والله لقد قتلتهم كافرين ، ولأقتلنهم مفتونين! وما لنا إلى عائشة من ذنب إلا أنا أدخلناها في حيّزنا ، والله لأبقرن الباطل حتى يظهر الحق من خاصرته ، فقل لقريش فلتضج ضجيجها ». ثم نزل.