عن أمير المؤمنين ، وقد يكون أيضاً ضالعاً بالمؤامرة ، فقد يصح أن يراسله طلحة والزبير وعائشة يستنصرونه ، أو يطلبون إليه أن يخذل الناس عن الإمام ، وقد فعل هذا بأبشع صورة ، فقد خان الأمانة ، وغدر بالأمة ، وخذل الحق ، ونصر الباطل ، فأي إعتزال للفتنة هذا ، وأي مغفل من أعرق بالخلاف.
ومهما يكن من أمر ، فقد استجاب أهل الكوفة للإمام بتوجيه من الحسن بن علي عليهماالسلام ، وعمار بن ياسر رضياللهعنه ، ومالك الأشتر رحمهالله ، وخرج إليه منهم جمع كثيف ، وهو بذي قار ، وكان حقاً ما قال لهم :
« إني اخترتكم والنزول بين أظهركم ، وفزعت إليكم لِما حدث ، فكونوا لدين الله أعواناً وأنصاراً ، وانهضوا إلينا ، فالإصلاح ما نريد ، لتعود الأمة إخواناً ».
وأضيف إلى جيش أمير المؤمنين من المهاجرين مثله من جيش الكوفة المقاتلين ، وما كان عليّ عليهالسلام يريد القتال إلا أن يحمل عليه ، بل كان يريد الإقناع بالمحاججة ، ورد المتمردين بالتي هي أحسن ، قصداً إلى الإصلاح ، وتنفيذاً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقد صرح الإمام عن هذه الملاحظ في عدة مواقف ، فقد استوقفه بن رفاعة قائلاً : « أي شيء تريد؟ وإلى أين تسير يا أمير المؤمنين »؟
فقال الإمام : إن أريد إلا الإصلاح ، إن قبلوا منا ، وأجابونا إليه ».
قال ابن رفاعة : فإن لم يجيبونا ، قال الإمام : ندعهم بعذرهم ونصبر.
قال ابن رفاعة : فإن لم يرضوا ؛ قال الإمام : ندعهم ما تركونا.