تحمل الموت الأحمر ، وأصحاب محمد يتلمّظون تلمظ الأفاعي » فما فّت هذا من عضدهم ، وغلبهم شؤم ابن الحنظلية - أبي جهل - كما يقولون. ولكن القرآن يصدع بالأمر الواقع ، وينبىء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بمصير هؤلاء : ( سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ) (١) وكان الأمر كما قال ومن ينظر كثرة قريش وجودة إعدادها الحربي يحكم بالنصر لها ، ومن يمعن بتردد قريش وخذلانها ، وتلاومها واختلافها ، وكثرة لغطها ، وتنافر رجالها ، ويقارنه إلى ثبات المسلمين وهم القلة ، وجلدهم وتعاضدهم وتساندهم يحكم بالنصر لهم ، وهكذا كان ، فقد أعجل أبو جهل قريشاً في مبادئة الحرب ، وحفزهم إلى مبادرة القتال ، بعد أن طوح بمتابعة القوم فيما بينهم للكف عن الحرب ، وأخذت العصبية القبليّة دورها في تأليب من تردد ووهن وضعف ، وتنادوا فيما بينهم بشعارات الجاهلية وحمية الوثنية ، فأغضب كثير من المشركين وكانوا كارهين للحرب ، وقد نشبت الحرب إذ برز الوليد بن عتبة ، وأبوه عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة يطلبون أكفاءهم من قريش ، لا السواد من الأنصار فكان لهم ما أرادوا ، فخرج علي وحمزة وعبيدة ، فأشرأبت الأعناق واستطالت الأبصار ، وتقابل المقاتلون ، فقتل عليٌ الوليد ، وشارك في قتل شيبة ، وذبّب على عتبة أو بالعكس ، وقتل الحمزة عتبة ، وقتل عبيدة شيبة ، وقتله قاتله ، وانجلت الغبرة عن مقتل فرسان قريش جميعهم ، وأستشهد عبيدة ، وكرّ الفارسان علي والحمزة يهدران ، وكان ذلك أول النصر. وتهلل وجه النبي فرحاً ، وبدأت الهزيمة النفسية عند قريش ، وتحفز المسلمون فكرّوا عليهم تقتيلاً وأسراً وتشريداً ، فكانت قتلى قريش سبعين فارساً ، وأسرى قريش سبعين بطلاً. وسلني عن علي ما موقفه آنذاك ، الروايات
__________________
(١) سورة القمر ، الآية : ٤٥.