الألسن في النيل منه ، فأظهر غضباً ، وارتحل عن الكوفة ، ولحق بمعاوية ، وقيل استقر بقرقيسيا معتزلاً ، فهدم عليّ عليهالسلام داره في الكوفة.
أما معاوية فقد أسرّ حسواً بارتغاء ، وأسفر إلى علي كما أسفر إليه علي عليهالسلام ، وكان أبو مسلم الخولاني ممن يدعي العقل والدين والورع ، ممن أرسله معاوية إلى الإمام ، ولكنه كان ناقص العقل رقيق الدين دون شك ، وكان فطير الرأي سفيه القرار دون ريب ، فقد اعترض على معاوية اعتراض العارف ، فقال : علام تقاتل علياً وليس لك فضله ولا سابقته في الإسلام ، ولكنه قبل من معاوية جوابه التقليدي المدخول قبول الجاهل ، إذ قال له معاوية :
ليس لي فضل علي وسابقته ، وإنما أطالبه بدفع قتلة عثمان ، قال أبو مسلم : فاكتب لي بذلك فإن أجابك فلا حرب ، وإن أبى قاتلناه على بصيرة ، فكان أبو مسلم عارفاً باعتراضه ، ولكنه عاد مغفّلاً بمناورة معاوية له ، حتى قال : وإن أبى قاتلناه على بصيرة ، وقد غاب عن ذهنه أن الإمام هو الذي يلي أمر الدماء ، وهو الذي يحقق في مقتل عثمان ، ولكن على أن يبايع معاوية ويطيع ، ثم يحتكم إلى الإمام في دم عثمان إن كان له ولياً حقاً.
ومهما يكن من أمر فقد كتب معاوية إلى الإمام كتاباً فيه من الصلف والغرور والتطاول والإدّعاء وزج الناس في الحرب ما فيه ، وتهجم على أمير المؤمنين فاتهمه ، ونصه في رواية البلاذري :
« من معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب ، أما بعد : فإن الله اصطفى محمداً بعلمه ، وجعله الأمين على وحيه ، والرسول إلى خلقه. ثم اجتبى له من المسلمين أعواناً أيدّه بهم ، فكانوا عنده على قدر