الضلالة ، وأن الحق مغلوب على أمره ، وإن إصرارهم على الإمام بقبول التحكيم كان خطأ العمر الذي لا يتداركه شيء إلا الحرب والقتال عوداً على بدء ، فعادوا إلى الكوفة يستعدون للقتال فيما يزعمون ، وكان الإستعداد قضية مؤقتة أيضاً ، إذ انشغل الإمام بما هو أفدح من ذلك ، فقد انشق عليه فريق من أصحابه بالأمس ، ونجم قرن الخوارج حينما تحقق نبأ الحكمين فأعجله ذلك عن أهل الشام ، لمعالجة الخرق الجديد.
وكان الإمام عليهالسلام قد خطب أصحابه بعد أخبار الحكمين فقال :
« الحمد لله وإن أتى الدهر بالخطب الفادح والحدث الجليل ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله. أما بعد :
فان معصية الناصح الشفيق المجرب تورث الحسرة وتعقب الندم. وقد كنت أمرتكم في هذين الرجلين وهذه الحكومة بأمري ، ونخلت لكم رأيي لو يُطاع لقُصير رأي ، ولكنكم أبيتم إلا ما أردتم ، فكنت واياكم كما قال أخو هوازن :
أَمَرتُهُمُ أَمرِي بِمُنعَرِجِ
الِلوى |
|
فَلَم يَستَبِينُوا الرُشدَ إلاّ
ضُحَى الغَدِ |
ألا إن الرجلين اللذين اخترتوهما حكمين قد نبذا حكم الكتاب وراء ظهورهما ، وإرتأيا الرأي من قبل أنفسهما ، فأماتا ما أحيا القرآن ، وأحييا ما أمات القرآن. ثم إختانا في حكمهما فكلاهما لا يرشد ولا يسدد. فبريء الله منهما ورسوله وصالح المؤمنين ، فاستعدوا للجهاد ، وتأهبوا للسير ، وأصبحوا في معسكركم يوم الاثنين إن شاء الله ».
وغدا الناس إلى معسكرهم كما أمر الإمام ، وسرح إليه ابن عباس كوكبة من جنود البصرة ، واستقر رأي الإمام على النهوض بجيشه إلى