والإمام عليهالسلام يوضح لعامل الصدقة في الصدقات حق الله وحق الناس وحقه ، فلا يتجاوز ذلك مستهيناً بالأمانة ، أو راتعاً في الخيانة ، فمن ذلك قوله عليهالسلام :
« وإن لك في هذه الصدقة نصيباً مفروضاً ، وحقاً معلوماً ، وشركاء أهل مسكنة ، وضعفاء ذوي فاقة ، وإنّا موفوك حقك ، فوفهم حقوقهم ، وإلا تفعل فإنك من أكثر الناس خصوماً يوم القيامة ، وبؤسي لمن خصمه عند الله الفقراء والمساكين والسائلون والمدفوعون والغارمون وابن السبيل. ومن استهان بالأمانة ، ورتع في الخيانة ، ولم ينزه نفسه ودينه عنها ، فقد أحلّ بنفسه الذلّ والخزي في الدنيا ، وهو في الآخرة أذلّ وأخزى وإن أعظم الخيانة خيانة الأمة ، وأفظع الغش غش الأئمة ».
ولم يكن الإمام عليهالسلام متهاوناً في فروض الدين ، ولا متسامحاً في سنن العبادة ، بل كان حدباً على إقامتها ، مشفقاً من إضاعتها ، يوصي بذلك أمراء البلاد ، وقادة البعوث ، وولاة الأمور. فمن كتاب له في معنى الصلاة إليهم يقول :
« أما بعد فصلوا بالناس الظهر حين تفيء الشمس مثل مريض العنز ، وصلوا بهم العصر والشمس بضاء حية في عضو من النهار حين يسار فيها فرسخان ، وصلوّا بهم المغرب حين يفطر الصائم ويدفع الحاج إلى منى ، وصلّوا بهم العشاء حين يتوارى الشفق إلى ثلث الليل ، وصلّوا بهم الغداة والرجل يعرف وجه صاحبه ، وصلّوا بهم صلاة أضعفهم ، ولا تكونوا فتانين ».
ولم يكن الإمام ليحتجن الرأي لنفسه ، أو يحتجز السر لذاته ، بل يشارك قيادته بذلك ، ويشاور مستشاريه به ، ويعرضه على ذوي الرأي