وبحث الإمام في هذا العهد أمر طبقات الرعية ، وأصناف الناس ، وذوي المهن وأرباب الحرف والصناعات ، وأوصاه بكل صنف وطبقة بما يناسب ذلك ، وجمع هذه الأصناف بقوله عليهالسلام :
« واعلم أن الرعية أصناف ، ولا يصلح بعضها إلا ببعض ، ولا غنى لبعضها عن بعض ، فمنها جنود الله ، ومنها كتاب الخاصة والعامة ، ومنها قضاة العدل ، ومنها عمال الإنصاف والرفق ، ومنها أهل الجزية والخراج من أهل الذمة ومسلمة الناس ، ومنها التجار وأهل الصناعات ، ومنها الطبقة السفلى من ذوي الحاجات والمسكنة ، وكل قد سمى الله له سهمه ، ووضع على حده وفريضته في كتابه أو سنة نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم عهداً منه عندنا محفوظاً ».
ثم بدأ الإمام يفصل القول في حقوق هؤلاء جميعاً وواجباتهم مما لهم وعليهم ، فيما لم تتوصل إلى مفاهيمه أرقى الأمم ثقافة ، وأعرق الدول حضارة ، وأكثر المتحضرين سياسة.
ولست بصدد الوقوف على جزئيات هذا العهد العظيم ، ولا بسبيل بيان كلياته الكبرى ، فهذا مما يطول معه الحديث ، ولا يستوعبه هذا البحث ، واكتفينا بما ألمعنا إليه ، بما يعد أفضل وثيقه عالمية لصيانة حقوق الإنسان مما لم يسبق إليه الإمام من قريب أو بعيد.
ولم أكن لأتتبع جميع فصول هذا العهد الرائع ، ولكنني ألقيت عليك منه بعض الفقرات ، واستخلصت منه جملة من النظرات لتستكشف ما خفي عليك بما أظهرت ، وتستقرئ منه المجهول ، وتستدل بما ذكرت على ما لم أذكر.
وأشير هنا أن الاستاذ توفيق الفكيلي رحمهالله ، قد شرح هذا