تصوير قيادة الامام عليهالسلام كما هي ، عسى أن تكون قاربت ذلك ، فلا إحاطة للانسان والباحث والمفكر بتراث هذا الانسان العظيم ، ولا قِبلَ للكاتب الموضوعي على إستيعاب روافد هذا البحر المحيط ، فهو عليّ ابن أبي طالب وكفى.
إنها ـ إذن ـ نفحات من عبير سيرته ، وشذرات من كنوز قيادته ، وما لا يدرك كلّه ، لا يترك كله.
تحدثنا في الفصل الأول ، وعنوانه « عليٌّ في عصر النبوة » عن سيرة الامام في عهد الرسول الأعظم في ثلاثة عشر بحثاً مكثفاً ، إستوعبت حياة أمير المؤمنين من ميلاده حتى الهجرة النبوية ، وعرضت بتركيز موجز لإعداد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي عليهالسلام إعداداً خاصاً تربوياً ورسالياً منذ نعومة أظفاره حتى النصر المبين في معركة « بدر الكبرى » وتناولت سيرة الامام علي عليهالسلام في عنفوان شبابه وهو يتوجّه بالزهد والايثار والمواساة بأدق معاني هذه الكلمات وأصدقها ، ودرست علياً عليهالسلام بأعتباره فارس المهمات الحربية الصعبة ، وأكدت على تحركه المستميت نضالياً في مشاهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كلها ، بما أعتبر بها فارس العرب الأول دون منازع ، ولحظت تسلّمه الراية العظمى في كل الفتوح الألهية بأمر محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وما في ذلك من التأكيد على كونه الامام والقائد ، والمرجع ، فهو أميرٌ لا يُؤَمرُ عليه ، وهو مستخلفٌ والرعيةُ سواه. وأبرزت موقع الامام في فتح مكة عملياً ، وهو إلى جنب النبيّ يكسر الأصنام ، ويطوّح بالأوثان ، لتكون كلمة الله هي العليا ، وكلمة أعدائه هي السفلى. وحققت القول في الأنباء التي كدرت صفو فتح مكة ، بتحرك هوازن وثقيف ، ونشوب معركة « حُنين » الفاصلة في نتائجها على يد أمير المؤمنين عليهالسلام وهو يذود الكتائب ، ويحمي