ونظر إلى أبي بكر وهو يقدس علياً ولكنه يعهد إلى عمر ، ولمس سيرة عمر متكأ على أمير المؤمنين ، ورأى عمر يتناسى علياً وينص على عثمان حصراً في تعيين مجلس الشورى ، ويتسلم عثمان السلطة فيقابل بالكراهية بيعةً وسياسة ، وينقم عليه المسلمون فيتفاقم الخطب ، ولا ناصر له من أتباعه ، حتى يتشحط بدمه صريعاً. فكان البحث الأول في إحتجاج الأنصار فرادى وجماعات مع هنٍ وهنّ ، وإمتناع أمير المؤمنين عن البيعة في جملة من الصحابة الرساليين ، ورعيل من بني هاشم ، وتبعه البحث الثاني متحدثاً عن ظلامة الزهراء في إنعطاف تأريخي خطير يدعمه القرآن والسنة ، وكانت شكوى الزهراء وخطبها يشعان عنان السماء في البحث الثالث ، وجاء البحث الرابع معالجاً لظروف الثورة المضادة للاسلام في إتجاه معاكس ، فيه الاحتجاج حيناً ، والمعارضة حيناً آخر ، بما سمي بحروب الردة ، فكانت بلاءً منصبّاً على الأمة في مختلف الأفتراضات الواقعية منها والمغلّفة بستار مهلهل رقيق.
ووجدنا ابا بكر (رض) في بحث خاص يقدس علياً عليهالسلام حتى ليطيل النظر في وجهه ، لأن النظر إلى وجه عليٍّ عبادة فيما يرويه عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وليته نظر إلى قلب عليّ فوجد ما فيه من وجد ، ولمس ما في شغافه من ألم وأسى ، ولكنه أغمض عن ذلك كله ، وعهد إلى عمر(رض) في الخلافة في مسلسل محكم لأقصاء أمير المؤمنين عن القيادة.
وجاء عمر إليها واثقاً من نفسه ، ومستنداً إلى أمير المؤمنين في معضلاته ومتكأ عليه في الفتاوى والمشكلات والرأي والإشارة والمشاورة ، بما صوره تصويراً دقيقاً المبحث السادس « سيرة عمر وإتكاؤه على أمير المؤمنين » ودنا أجل عمر فعيّن مجلساً للشورى برئاسة