إليه بالبنان ، وبطلا من أبطال هذا المناخ القتالي ، فطار صيته في الآفاق ليطل به ذلك على غزوة الأحزاب ومعركة الخندق ، فكان لعلي بها صدى الفارس المعلم ، وصوت الشجاع المطرق ، وعاد يومها فارس العرب الأول ، والمدافع الحقيقي عن الإسلام ، وبشخصه ـ وحده ـ قذف الله الرعب في قلوب المشركين ، وبضربته البكر ذلك اليوم أعزّ الله حمى الإيمان.
وحينما أجلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يهود بني النضير ، ساروا الى خيبر واتصلوا بقريش يدعمهم بذلك بنو قينقاع ، ونقضوا بهذا عهدهم مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبقي بنو قريظة في عهده ، حتى أغرى بهم حيي بن اخطب بتحريض من أبي سفيان فنقضت العهد أيضا ، وأفاقت المدينة لتستمع جلبة اجتماع الأحزاب ، وتنظر صلف قريش وكبريائها تقود هذا الجمع الباغي في اربعة آلاف من العرب والأحابيش واليهود يريدون أن يلتهموا الإسلام التهاما.
وأجال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مع المسلمين الرأي في الصمد لهذا الزحف ، فأشار سلمان الفارسي بحفر الخندق فاستراح له المسلمون ، ونفذّوه في سرعة مذهلة ، وفوجئت قريش بهذا الأسلوب الجديد ، وتملكها الاضطراب لهذا الإحتراز الفاعل ، وعسكر المسلمون الى سفح سلع فكان خلفهم ، والخندق بين أيديهم ، واستوحشت قريش لهذا الإجراء الدقيق ، وطالت عليه المدة في الإنتظار ، وحذرت أن تخمد العزائم وتجف الهمم ، فأقبل فوارسهم بقيادة عمرو بن عبدود ، وصاروا الى مكان ضيّق من الخندق أغفله المسلمون إحكاما ، فضربوا خيولهم فإقتحمته ، فكانت بين الخندق وسلع ، وإذا بهم أمام المسلمين وبين ظهرانيهم وجها لوجه.