واستطلع النبي الخبر بتفصيلاته وعلم ذلك ، فقال :
« لا نُصِرْتُ إن لم أنصُر خزاعة مما أنصر به نفسي ».
وسرت هذه الكلمة في الآفاق ، وفتحت على قريش بابا لم يكن ليغلق إلا بالحرب ، ولا ليوصد دون غزوها في عقر دارها ؛ وتبخرت تلك الأوهام في الدعة والاطمئنان ؛ فالإسلام لا يقرّ على ضيم مظلوم ولا يفلت منه كيد ظالم ؛ وأجمع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمره على الخروج بالسيف ، وأعلن النفير العام.
وندمت قريش على ما بدر منها ولات ساعة مندم ، واختارت أبا سفيان ليصلح ما فسد ، ويتدارك ما حدث ، فطوى الصحراء حتى قدم المدينة ، وكان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد استقرأ ذهنية قريش ، ولم يغب عن باله ما ستستقر عليه ، فأطلّ على المسلمين وقال : « كأنكم بأبي سفيان قد جاءكم ، ليشدّ العقد ، ويزيد في المدة » ووقع ما قال ، فقد جاء أبو سفيان وقال :
يا محمد : إني كنت غائبا في صلح الحديبية ، فأشدد العهد وزدنا في المدة. قال النبي : هل كان فيكم من حدث.
قال أبو سفيان : معاذ الله.
قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : نحن على مدتنا وصلحنا.
ولكن أبا سفيان كذب على النبي ، والنبي يعلم بهذا ، فإن كانت قريش لم تنكث فالعهد لا ينقض ، وإن نكثت فالعهد منقوض ، وهو ما كان ؛ وفقد أبو سفيان صوابه ، فقد عرف من أمره ما عرف ، وما عليه إلا أن يتشبث بكل شيء ، ويتوسل الى كل أحد عسى أن يصنع شيئا ، فمضى الى ابي بكر ليكلم له النبي ، فردّه ردّا رفيقا ، وذهب الى