الواحد لأنّه واحد وجوداً وذاتاً ، أو يلحق بالفعلين لأنّه متعدّد بالوصف والعنوان؟
ومثاله : أن يتوضّأ المكلَّف بماءٍ مغصوب ، فإنّ هذه العملية التي يؤدّيها إذا لوحظت من ناحية وجودها فهي شيء واحد ، وإذا لوحظت من ناحية أوصافها فهي توصف بوصفين ، إذ يقال عن العملية : إنّها وضوء ، ويقال عنها في نفس الوقت : إنّها غصب وتصرّف في مال الغير بدون إذنه ، وكلّ من الوصفين يسمّى «عنواناً» ، ولأجل ذلك تعتبر العملية في هذا المثال واحدةً ذاتاً ووجوداً ومتعدّدةً وصفاً وعنواناً.
وفي هذه النقطة قولان للُاصوليّين :
أحدهما : أنّ هذه العملية ما دامت متعدّدةً بالوصف والعنوان تلحق بالفعلين المتعدّدين ، فكما يمكن أن يتّصف دفع الزكاة للفقير بالوجوب وشرب الماء النجس بالحرمة كذلك يمكن أن يكون أحد وصفَي العملية وعنوانيها واجباً وهو عنوان الوضوء ، والوصف الآخر حراماً وهو عنوان الغصب ، وهذا القول يطلق عليه اسم «القول بجواز اجتماع الأمر والنهي» (١).
والقول الآخر يؤكّد على إلحاق العملية بالفعل الواحد على أساس وحدتها الوجودية ، ولا يبرِّر مجرّد تعدّد الوصف والعنوان عنده تعلّق الوجوب والحرمة معاً بالعملية ، وهذا القول يطلق عليه اسم «القول بامتناع اجتماع الأمر والنهي» (٢).
وهكذا اتّجه البحث الاصولي الى دراسة تعدّد الوصف والعنوان من ناحية أنّه هل يبرّر اجتماع الوجوب والحرمة معاً في عملية الوضوء بالماء المغصوب ، أو أنّ العملية ما دامت واحدةً وجوداً وذاتاً فلا يمكن أن توصف بالوجوب والحرمة
__________________
(١) ذهب إلى ذلك المحقّق النائيني ، انظر فوائد الاصول ٢ : ٣٩٨
(٢) اختاره المحقّق الخراساني ، ونسبه أيضاً إلى المشهور. انظر كفاية الاصول : ١٩٣