الغيبة الصغرى أو قريباً منه إسماعيل بن عليّ بن إسحاق ابن أبي سهل النوبختي كتاباً في الردّ على عيسى بن أبان في الاجتهاد ، كما نصّ على ذلك كلّه النجاشي صاحب الرجال في ترجمة كلّ واحدٍ من هؤلاء (١).
وفي أعقاب الغيبة الصغرى نجد الصدوق في أواسط القرن الرابع يواصل تلك الحملة ، ونذكر له ـ على سبيل المثال ـ تعقيبه في كتابه على قصّة موسى والخضر ، إذ كتب يقول : «إنّ موسى مع كمال عقله وفضله ومحلّه من الله تعالى لم يدرك باستنباطه واستدلاله معنى أفعال الخضر حتّى اشتبه عليه وجه الأمر به ، .... فإذا لم يجز لأنبياء الله ورسله القياس والاستدلال والاستخراج كان مَن دونهم من الامم أولى بأن لا يجوز لهم ذلك ... فإذا لم يصلح موسى للاختيار مع فضله ومحلّه فكيف تصلح الامّة لاختيار الإمام؟ وكيف يصلحون لاستنباط الأحكام الشرعية واستخراجها بعقولهم الناقصة وآرائهم المتفاوتة؟» (٢).
وفي أواخر القرن الرابع يجيء الشيخ المفيد فيسير على نفس الخطّ ويهجم على الاجتهاد ، وهو يعبّر بهذه الكلمة عن ذلك المبدأ الفقهي الآنف الذكر ، ويكتب كتاباً في ذلك باسم «النقض على ابن الجنيد في اجتهاد الرأي» (٣).
ونجد المصطلح نفسه لدى السيد المرتضى في أوائل القرن الخامس إذ كتب في الذريعة يذمّ الاجتهاد ويقول : «إنّ الاجتهاد باطل ، وإنّ الإمامية لا يجوز عندهم العمل بالظنّ ولا الرأي ولا الاجتهاد» (٤). وكتب في كتابه الفقهي
__________________
(١) رجال النجاشي : ٣١ ، الرقم ٦٨ و ٢٢٠ الرقم ٥٧٥ و ٤٤٠ الرقم ١١٨٦
(٢) علل الشرائع : ٦٢ ، الباب ٥٤ ، ذيل الحديث ١ و ٢ مع اختلاف في بعض الألفاظ
(٣) ذكره النجاشي في رجاله : ٤٠٢ ، الرقم ١٠٦٧
(٤) الذريعة الى اصول الشريعة ٢ : ٦٣٦ و ٦٤٦ ، ولم نقف على العبارة نصّاً ، ونسب صدر هذه العبارة المحقّق الاصفهاني في هداية المسترشدين (ص ٤٨٢ ، س ٨) الى السيد المرتضى قدسسره