نشوء كلٍّ منهما ، فإنّ الاتّجاهات الحسّية والتجريبية في نظرية المعرفة قد تكوّنت في فجر العصر العلمي الحديث لخدمة التجربة وإبراز أهمّيتها ، فكان لديها الاستعداد لنفي كلّ معرفةٍ عقلية منفصلةٍ عن الحسّ.
وأمّا الحركة الأخبارية فكانت ذات دوافع دينية ، وقد اتّهمت العقل لحساب الشرع ، لا لحساب التجربة ، فلم يكن من الممكن أن تؤدّي مقاومتها للعقل إلى إنكار الشريعة والدين.
ولهذا كانت الحركة الأخبارية تستبطن ـ في رأي كثيرٍ من ناقديها ـ تناقضاً ؛ لأنّها شجبت العقل من ناحيةٍ لكي تُخلِي ميدان التشريع والفقه للبيان الشرعي ، وظلّت من ناحيةٍ اخرى متمسّكةً به لإثبات عقائدها الدينية ؛ لأنّ إثبات الصانع والدين لا يمكن أن يكون عن طريق البيان الشرعي ، بل يجب أن يكون عن طريق العقل.