حوزةً فتية ، فلم تستطع أن تتفاعل بسرعةٍ مع تجديدات الشيخ العظيمة ، وكان لا بدّ لها أن تنتظر مدّةً من الزمن حتّى تستوعب تلك الأفكار ، وترتفع إلى مستوى التفاعل معها والتأثير فيها ، فروح التقليد فيها موقّتة بطبيعتها.
وأمّا الحوزات الفقهية السنّية فقد كان شيوع روح التقليد فيها نتيجةً لشيخوختها بعد أن بلغت قصارى نموّها ، أو بعد أن استنفدت أغراضها ، الأمر الذي لا يمكننا التوسّع في شرحه الآن على مستوى هذه الحلقة ، فكان من الطبيعي أن يتفاقم فيها روح الجمود والتقليد.
٢ ـ إنّ الفقه السنّي كان هو الفقه الرسمي الذي تتبنّاه الدولة وتستفتيه في حدود وفائها بالتزاماتها الدينية ، ولهذا كانت الدولة تشكِّل عامل دفعٍ وتنميةٍ للفقه السنّي ، الأمر الذي يجعل الفقه السنّي يتأثّر بالأوضاع السياسية ، ويزدهر في عصور الاستقرار السياسي ، وتخبو جذوته في ظروف الارتباك السياسي.
وعلى هذا الأساس كان من الطبيعي أن يفقد الفقه السنّي شيئاً مهمّاً من جذوته في القرن السادس والسابع وما بعدهما ؛ تأثّراً بارتباك الوضع السياسي ، وانهياره أخيراً على يد المغول الذين عصفوا بالعالم الإسلامي وحكوماته.
وأمّا الفقه الإمامي فقد كان منفصلاً عن الحكم دائماً ، ومغضوباً عليه من الأجهزة الحاكمة في كثيرٍ من الأحايين ، ولم يكن الفقهاء الإماميون يستمدّون دوافع البحث العلمي من حاجات الجهاز الحاكم ، بل من حاجات الناس الذين يؤمنون بإمامة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام ، ويرجعون إلى فقهاء مدرستهم في حلّ مشاكلهم الدينية ومعرفة أحكامهم الشرعية ، ولأجل هذا كان الفقه الإمامي يتأثّر بحاجات الناس ، ولا يتأثّر بالوضع السياسي كما يتأثّر الفقه السنّي.
ونحن إذا أضفنا إلى هذه الحقيقة عن الفقه الإمامي حقيقةً اخرى ، وهي أنّ