سألت عن العالم الثانى (١٢٢) ، ومحراب السبع المثانى ، ومعنى المغانى ، ومرقص النادب والغانى ، وارم المبانى (١٢٣) ، ومصلى القاصى والدانى. هى الحشر الاول ، والقطب الذي عليه المعول ، والكتاب الذي لا يتأول. بلد المدارك والمدارس ، والمشايخ والفهارس ، وديوان الراجل والفارس. والباب الجامع من موطأ المرافق ، ولواء الملك الخافق ، وتنور الماء الدافق ، ومحشر المؤمن والمنافق ، وسوق الكاسد والنافق ، حيث البنى النى نظر اليها عطارد (١٢٤) فاستجفاها (١٢٥) وخاف عليها الوجود أن يصيبها بعينه (١٢٤ : ب) الحسود فسترها بالغور وأخفاها (١٢٦). والاسواق التى ـ ثمرات كل شىء اليها ـ قد جبيت ، والموارد التى اختصت بالخضر وحبيت ، والمنازه المخطوبة ، وصفاح الخلج المشطوبة ، والغدر التى منها أبو طوبة (١٢٧).
بلد أعارته الحمامة طوقها |
|
وكساه رويش جناحه ـ الطاووس |
فكأنما الانهار فيه مدامة |
|
وكأن ساحات الديار كؤوس |
اجتمع بها ما أولده سام وحام ، وعظم الالتئام والالتحام ، فلا يعدم فى مسالكها زحام. فأحجارها طاحنة ، ومخابزها شاحنة ، وألسنتها ـ باللغات المختلفة ـ لاحنة ، ومكاتبها مائجة ، ورحابها متمائجة ، وأوقافها جارية ، والهمم فيها ـ الى الحسنات وأضدادها ـ متبارية.
__________________
(١٢٢) ويقصد بالعالم الاول الاندلس.
(١٢٣) ارم المبانى : علم المبانى.
(١٢٤) عطارد : نجم سيار قريب من الشمس.
(١٢٥) استجفاها : طلب منها البعد ، والتعبير كلية كناية عن علو شأن المدينة ومنزلتها السامية.
(١٢٦) يعنى أن موقع المدينة فى السفح المنخفض ، وهو حسن تعليل رائع ، لوقاية المدينة من عين الحسود بموقعها هكذا.
(١٢٧) أبو طوبه : الريح الطيبة.